4 - معرفةُ المخاطبين وتلاميذ الراوي بطريقة شيخهم واشتهارها عندهم:
قَالَ الأعمشُ: ((قلتُ لإبراهيم: إذا حدثتني حديثاً فأسنده فَقَالَ: إذا قلت عَنْ عبد الله -يعني ابن مسعود- فاعلم أنه عَنْ غير واحد، وإذا سميتُ لك أحداً فهو الذي سميت)) (36).
وَقَالَ خالد الحذاء: ((سمعتُ محمد بن سيرين يقول: كلّ شيء حدثتكم عَنْ أبي هُرَيرة فهو عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم)) (37).
قَالَ أبو داود: ((كَانَ ابن سيرين يرسل وجلساؤه يعلمون أنه لم يسمع، سمع من ابن عمر حديثين، وأرسل عنه نحواً من ثلاثين حديثاً)) (38).
وَقَالَ خالدُ الحذّاء: ((كلُّ شيء رواه ابنُ سيرين عَنْ ابن عباس فهو عَنْ عكرمةَ، لقيه بالكوفة أيام المختار)) (39)، ومعلوم أنّ خالد الحذّاء من تلاميذ ابن سيرين المقدمين.
وَقَالَ الهيثمُ بنُ عبيد حدثني أبي قَالَ: قَالَ رجلٌ للحسن: إنّك لتحدثنا قَالَ النبي، فلو كنتَ تسندُ لنا، قَالَ: والله ما كذبناك ولا كذبنا لقد غزوتُ إلى خراسان غزوة معنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم (40).
وَقَالَ الخطيبُ: قَرأتُ في أصلِ كِتَاب دَعْلج بنِ أحمد ثمّ أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني قَالَ: أخبرنا أبو الحسن بن صغيرة قَالَ: حدثنا دعلج قَالَ: حدثنا موسى بن هارون بحديث حماد بن زيد عَنْ أيوب عَنْ محمد عَنْ أبي هُرَيرة قَالَ: قَالَ: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه، قَالَ موسى: إذا قَالَ حمادُ بنُ زيد والبصريون قَالَ: قَالَ فهو مرفوع.
قلتُ للبرقاني: أحسب أنَّ موسى عَنى بهذا القول أحاديث ابن سيرين خاصة، فَقَالَ: كذا تحسب (41).
وَقَالَ ابنُ محرز سمعتُ يحيى بنَ معين يقولُ: قَالَ يحيى بنُ سعيد القطان: كلُّ حَدِيث سمعتُه مِنْ سفيان قَالَ: حدثني، وحدثنا إلا حديثين: سماك عَنْ عكرمة، ومغيرة عَنْ إبراهيم-ذكر يحيى بن معين الحديثين فنسيتهما-، وكل حَدِيث شُعْبة قَالَ: حدثني وأخبرني، وكل حَدِيث عبيد الله قَالَ: حدثني، وأخبرني، فإذا حدثتك عَنْ أحد منهم فلا تحتاج أن أقول لك: حدثني ولا أخبرني، ولا حدثنا ولا أخبرنا، فَقَالَ حبيشُ بنُ مبشر- يفسر ذلك بحضور ابن معين -: هذا بمنزلة رجل قَالَ: حدثنا يزيد بن هارون، قَالَ: حدثنا يحيى بن سعيد، فإذا قَالَ بعد ذلك: حدثنا يزيد بن هارون عَنْ يحيى بن سعيد لم يحتج أن يقول: حدثنا يزيد، قَالَ: حدثنا يحيى بن سعيد، وَقَالَ عبدالله بن رومي اليمامي- بحضرة يحيى بن معين -: هو أن يقول فيه قَالَ: حدثنا، قَالَ: حدثنا، إذا قَالَ فلان، عَنْ فلان كَانَ كله حدثنا (42).
5 - ورودُ الحَدِيث بروايتين:
قَالَ الخطيبُ البغداديّ: ((اختلافُ الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحَدِيث ضعفا لجواز أن يكون الصحابي يسند الحَدِيث مرة، ويرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكره مرة أخرى على سبيل الفتوى، ولا يرفعه، فَحُفِظَ الحَدِيث عنه على الوجهين جميعاً، وقد كَانَ سفيان بن عيينة يفعل هذا كثيرا في حديثه فيرويه تارة مسنداً مرفوعاً، وقفه مرة أخرى قصدا واعتمادا)) (43).
وكلام الخطيب هذا ليس قاعدةً مطردةً، بل قرينة يستفاد منها عند التساوي، ولذا رجح النقاد الوقف في بعض الاختلافات، وفي كتب العلل أمثلة كثيرة، وسيأتي بعضها.
6 - حال المذاكرة:
قَالَ ابنُ عبد البر: ((والإرسالُ قد تبعثُ عليه أمور لا تضيره مثل أنْ يكون الرجل سمع ذلك الخبر من جماعة عَنْ المعزى إليه الخبر وصح عنده ووقر في نفسه فأرسله عَنْ ذلك المعزى إليه علما بصحة ما أرسله، ... أو تكون مذاكرة فربما ثقل معها الإسناد وخف الإرسال)) (44).
وأنبه هنا أنَّ حال المذاكرة أخصّ من السبب المتقدم "طلبُ التخفيف وإيثار الاختصار"، فهذا ربما يكون في المذاكرة وغيرها فهو أعم.
7 - أن يكون الراوي الوَاقِف أو المُرسِل غيرَ راضٍ عَنْ الراوي الرافع أو عمن أسقطه:
فمثال الوقف صنيع شُعْبة مع حديث السّديّ وقد تقدم قريباً، وأمّا الإرسال فمن ذلك صنيع الإمام مالك:
قال الدارقطني: ((أو تعمد (45) إسقاط عاصم بن عبيدالله؛ فإن له عادة بهذا؛ أن يُسقط اسم الضعيف عنده في الإسناد؛ مثل عكرمة ونحوه)) (46).
¥