تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الثاني: أن الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – لم يقصد من هذا الكلام مفهومه، فقد صرح بأن الخبر الذي فيه مبهم يتقوى ويعتضد كما سيأتي صريح كلامه في المبهم، والمبهم مجهول عين وزيادة، فإذا كان من لم يعرف اسمه يتقوى خبره عند الحافظ، فلأن يتقوى ما هو دونه في الجهالة من باب أولى وأحرى.

أضف لذلك أن الحافظ قد قوى من اشتد ضعفه بوروده من طريق آخر – كما تقدم في مبحث الشروط – فكان مجهول العين أولى بذلك.

ووجه ثالث هو: أن من تتبع تصرفات العلماء ومنهم الحافظ وجد من صنيعهم تقوية أحاديث كثير من الرواة الذين ليس لهم إلا راو واحد، ولم يأت توثيقهم من وجه معتبر، وليس هنا موضع تفصيلها، والله أعلم.

وما قدمناه من صريح كلام الأئمة مقدم على مفهوم كلام الحافظ هنا، ورجحان المنطوق الصريح على المفهوم لا يخفى، لا سيما والحافظ يرى تقوية حديث المبهم كما سيأتي الحلقات التالية، والمبهم أشد جهالة من المسمى.

ويؤيد ما قلنا من مذهب الحافظ ابن حجر العسقلاني أنه نقل في الفتح (1/ 354) عن الكرماني أنه قال: " هذه الرواية وإن كانت عن مجهول لكنها متابعة، ويغتفر فيها ما لا يغتفر في الأصول " قلت – أي الحافظ -: وهذا صحيح إلا أنه لا يعتذر به هنا لأن المبهم معروف أهـ المراد منه والله أعلم.

بل زاد الحافظ على ذلك فحسن حديث المبهم من غير متابعة، وهو منه غريب، فذكر في تخريج الأذكار تخريج الأذكار (1/ 240): ما رواه أحمد وغيره من حديث زهرة بن معبد أبي عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر مرفوعا " من قام إذا استقلت الشمس فتوضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ثم قال: هذا حديث حسن من هذا الوجه، ولولا الرجل المبهم لكان على شرط الصحيح، لأنه أخرج لجميع رواته من المقرئ فصاعدا، ولم أقف على اسمه.

فإذا كان يحسن حديث المبهم فكيف بحديث المجهول عينا المتابع عليه؟ وسيأتي مزيد بحث في المبهم إن شاء الله تعالى.

(1) رواه أحمد وابن أبي شيبة (1/ 4، 10/ 451) والطبراني في الكبير (17/ 915، 917) وأبو داود (170) والنسائي في اليوم والليلة (رقم 84) وغيرهم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير