تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن طريف ما يذكر بهذه المناسبة ـ أي استبعاد وقوع التفرد في الطبقات المتأخرة، وهو صحيح ـ قصة أبي حاتم وهو عند أبي الوليد الطيالسي، قال أبو حاتم (قُلت على باب أبي الوليد الطيالسي من أغرب على حديثا مسندا صحيحا لم أسمع به فله علي درهم يتصدق به، وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع به، فيقولون: هو عند فلان، فأذهب فأسمع، وكان مرادي أن استخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب عليّ حديثا). (16)

ولا بد هنا من ملاحظة ما قد يكون في الراوي من تفصيل في بعض حالاته، أو في بعض شيوخه، فيكون التعامل معه في كل حال بما يناسبه، فلو كان في الأصل ثقة ثبتا، لكنه صدوق أو نحوه في بعض شيوخه، فلا بد من مراعاة هذا، وهو أمر واضح، وإنما نبهت عليه هنا لكثرة إغفال ذلك من الباحثين.

ومن أهم ما يستدل به على خطا المتفرد ما يكون في متن حديثه الذي تفرد به من نكارة، فإن نكارة المتن قد تدفع الناقد إلى تضعيف الحديث بما لا يوجب ضعفه لولا هذه النكارة، ومن ذلك تفرد الثقة). (17)

ونكارة المتن لها دلائل، جمع ابن القيم قدرا منها في كتابه (المنار المنيف).

ثم عن ما ذكره مسلم والذهبي من عمل الأئمة هي ضوابط عامة، لا يفهم منها أنهم لا يستنكرون الحديث بالتفرد إلا مع وجودها، إذ هناك أمور دقيقة قد تصاحب التفرد توجب التوقف فيه واستنكار الحديث، وإن لم تتوفر الضوابط المذكورة ن ولذا قال ابن رجب (أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويحعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات به الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه). (18)

الحواشي ==========================================

(1) صحيح مسلم (1/ 7)

(2) سؤالات أبي داود ص 371

(3) مسائل إسحاق بن هاني (2/ 242)

(4) مسائل إسحاق بن هاني (2/ 194)

(5) العلل ومعرفة الرجال (3/ 302)

(6) تاريخ بغداد (10/ 230)

(7) عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (3/ 413)، أبو يعلى (928)، المعجم الكبير (19/ 38) رقم (80)، والمعجم الأوسط (8024)

(8) علل الحديث (1/ 296)

(9) أبو داود (922)، الترمذي (601)، المسند (6/ 234،183،31)

(10) علل الحديث (1/ 165)

(11) شرح علل الترمذي (2/ 674)

(12) الموقظة ص 77

(13) صحيح مسلم (3/ 1268)، بعد حديث (1647)

(14) فتح الباري (4/ 623)

(15) التعديل والتجريح (1/ 300)

(16) الجرح والتعديل (1/ 355)

(17) أنظر كلام المعلمي حول منهج الأئمة النقاد في إعلال ما يستنكرون متنه، مع أن ظاهر إسناده الصحة، في مقدمته لتحقيق كتاب (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) للشوكاني.

(18) شرح علل الترمذي (2/ 582)

ـ 5ـ

وما ذكره ابن رجب يمكن التمثيل بحديث شبابة عن شعبة عن بكير بن عطاء عن عبدالرحمن بن يعمر في الدباء والمزفت، الماضي ذكره قريبا، فإن شبابة أحد المكثرين عن شعبة، ولذا دافع عنه ابن المديني من هذه الجهة، غير أن الأئمة تواردوا على استنكار حديثه هذا، وذلك لما انظم إلى التفرد من كون عبدالرحمن بن يعمر ليس له إلا حديث واحد، يرويه أيضا شعبة، وكذا سفيان الثوري عن بكير عن عطاء عنه، وهو حديث (الحج عرفة) (1)، فيبعد أن يكون بهذا الإسناد حديث آخر عند شعبة ويفوت سائر أصحابه على كثرتهم ويحفظه واحد منهم مع أن فيهم من هو مقدم على شبابة، إما في الكثرة أو في الحفظ أو كليهما كمجمد بن جعفر ويحيى القطان وعبدالرحمن بن مهدي ومعاذ بن معاذ وخالد بن الحارث وأبي الوليد الطيالسي وغيرهم (2)

ومن ذلك أيضا ما رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل متى كنت نبيا؟ ... ) الحديث (3)، واستنكره أحمد وقال إنه خطأ من الأوزاعي (4)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير