تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى برد بن سنان عن الزهري عن عروة عن عائشة (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى، والباب مغلق عليه، فجئت فاستفتحت ... ) الحديث (9)، سئل عنه أبوحاتم فقال (لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم غير برد، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث وكان برد يرى القدر). (10)

وبرد هذا وثقه الأئمة ولكنه ليس من أصحاب الزهري، ولذا قال الجوزجاني بعد كلامه عن أصحاب الزهري المعروفين: (قوم رووا عن الزهري قليلا، أشياء يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنها غير محفوظة، منهم برد بن سنان، وروح بن جناح وغيرهما). (11)

وتعرض الذهبي أيضا لبعض الضوابط في التفرد، وأنقل كلامه بطوله أيضا، قال (فمثلُ يحيى القطان، يقال فيه: إمامُ، وحُجَّة، وثَبْت، وجِهْبِذ، وثِقَةُ ثِقَة،ثم ثقةُ حافظ، ثم ثقةُ مُتقن ثم ثقةُ عارف، وحافظُ صدوق، ونحوُ ذلك

فهؤلاء الحُفَّاظُ الثقات، إذا انفرد الرجلُ منهم من التابعين، فحديثهُصحيح. وإن كان من الأتباعِ قيل: صحيح غريب. وإن كان من أصحاب الأتباع قيل: غريبُ فَرْد. ويَنْدُرُ تفرُّدهم، فتجدُ الإمامَ منهم عندهَ مِئتا ألف حديث، لا يكادُ ينفرد بحديثينِ ثلاثة. ومن كان بعدَهم فأين ما يَنفرِدُ به، ما علمتهُ، وقد يوُجَد.

ثم نَنْتَقِلُ إلى اليَقِظ الثقةِ المتوسِطِ المعرفةِ والطلب، فهو الذي يُطلَقُ عليه أنه ثقة، وهم جُمهورُ رجالِ ((الصحيحين)) فتابِعِيُّهم، إذا انفَرَد بالمَتْن خُرَّج حديثهُ ذلك في (الصحاح).

وقد يَتوقَّفُ كثيرُ من النُّقاَّد في إطلاق (الغرابة) مع (الصحة)، في حديثِ أتباعِ الثقات. وقد يُوجَدُ بعضُ ذلك في (الصحاح) دون بعض. وقد يُسمِّي جماعةٌ من الحفاظ الحديثَ الذي ينفرد به مثلُ هُشَيْم،

وحفصِ بنِ غِياثٍ: منكراً

فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارةَ على ما انفرد مثلُ عثمان بن أبي شيبة، وأبي سَلَمة التَّبُوْذَكِي، وقالوا: هذا منكر.). (12)

فقسم الذهبي الثقات إلى قسمين:

الثقات الحفاظ وهم الذين عرفوا بالحفظ والاتقان وندرة الخطأ، فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة وتفرد تابعي التابعين عن التابعين.

والقسم الثاني هم من الثقات، وهم جماعة يوصف الواحد منهم بلأنه ثقة، لكن ليس من الحفاظ المتقنين، وهم مع ذلك متوسطو المعرفة، أي المعرفة بنقد الحديث، فلا يؤمن أن يخطيء الواحد منهم، ولا ينتبه لذلك فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة ويتوقف في ما عدا ذلك.

فيلاحظ أن الذهبي سبر كلام الأئمة في استنكار ما يتفرد به الثقة فوجدهم يراعون أمرين:

1 - قوة الراوي واشتهاره بالحفظ والضبط، فلا شك أن هذا يجبر ما يقع منه من تفرد، ومن هذا الباب قول مسلم (للزهري نحو تسعين حديثا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيه أحد، بأسانيد جياد). (13)

2 - طبقة الراوي، فلا شك ان التفرد يحتمل في رواية التابعي عن الصحابي، وكذلك مع الحفظ والضبط ـ يحتمل في رواية تابع التابعي عن التابعي، وأما بعد ذلك، أي في عصر انتشار الرواية، وحرص الرواة على التقصي والتتبع والرحلة إلى البلدان الأخرى بغرض الرواية وانتشار الكتابة، فإن وقوع التفرد وهو تفرد صحيح فيه بعد، فالغالب أن يكون خطأ من المتفرد، ولذا يستنكره الأئمة من الثقة الضابط أيضا.

وهذا الإمام مالك ـ وهو من هو في الحفظ والإتقان، ومن طبقة تابعي التابعين ـ ارتاب في سؤال اهل العراق له عن حديث سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا (السفر قطعة من العذاب)، فسأل عن ذلك فقيل له لم يروه عن سمي أحد غيرك، فقال (لو عرفت ما حدثت به)، وكان مالك ربما أرسله لذلك. (14)

وقد قيل إنه قال ذلك في حديثه عن الزهري ن عن أنس في دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر، وقد تفرد به عن الزهري، فكان يسأل عنه، وسمعه منه من هو أسن منه كابن جريج وغيره). (15)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير