2/ بيان قدر التفاضل بين الأقرباء، وكيف أن الابن يمكن أن يفضل أباه، والأب أن يفضل ابنه، والأخ أن يفضل أخاه. وفي ذلك درس في التنافس على الخير، والتسابق إلى الأفضل، حيث كان الإخوة والآباء والأبناء في تلك الأعصار يتنافسون في العلم، ويلزمون المشايخ، ويعبُّون من معين الفضل، وكلٌّ يرجو لنفسه ولأخيه التقدم والعلو.
3/ توجيه رسالة في إعطاء كل ذي حق حقه، فلو كان الابن فاضلاً والأب ليس شِبْهَهُ، وجب على الأب تقدير ابنه بقدر فضله، وكذلك الأمر بين الإخوان.
4/ تسهيل الرجوع إلى المفاضلة بين الراويين عند اختلافهما على الباحثين، باستلال ما يتعلق بذلك من كتب المراجع.
* منهجي في الجمع:
1) أذكر في هذا الجزء التفضيل فقط دون التضعيف والتوهين، فَمَنْ ذُكِرَ بأنه أضعف أو أوهى أو أكذب ... من قريبِهِ، فإني لا أعرض له.
2) لا أذكر الذي قُرِنَ ذِكْرُ مرتَبَتِهِ بِذكرِ مَرتَبَةِ قريبِهِ ... ، ولو فَضُلَتْ إحدى المرتبتين على الأخرى، مثل قول الدوري: سمعت يحيى - يعني: ابن معين - يقول: (أبو القاسم بن أبي الزناد ليس به بأس ... وأخوه ليس بشيء) «تاريخ ابن معين برواية الدوري: 903»، ذلك أنه من شَرطي أن يُنَصَّ على التفضيل، بأي صيغةٍ من صِيَغِهِ.
3) لا يلزم من ذكري التفضيلَ أنه صحيح، بل قد يُفَضَّلُ بعضهم على قريبِهِ، وقريبُهُ أفضل منه، وانظر مثالاً: تفضيل عبد الله بن أحمد بن حنبل على أبيه، وتفضيل عبد الله بن جعفر، أبو علي بن المديني على ابنه.
4) حاولت أن يكون جميع من أذكر من رواة الحديث الناقلين له، وإلا فهناك بعض التفضيلات عدلت عن ذكرها، لأنها في تفضيل بعض الملوك أو الأمراء على إخوانهم أو آبائهم ...
5) الذي أذكره من التفضيل له ثلاث أحوال:
الأولى: أن يكون عاماً، وما ذكرتُ من ذلك: إيثار العلماءِ الراويَ على قريبه، أو اختياره عليه، أو تقديمه، أو تفضيله، أو ترجيحه، أو أنه فوق قريبه، أو خيرٌ منه، أو أرفعُ، أو أعلى، أو أحلى، أو أَشْبَهُ، أو أمثل، أو أحبُّ إلى المقارِنِ.
الثانية: أن يكون بأشياء محددة: وما ذكرتُ من ذلك: تفضيل الراوي بأن يذكر بأنه أوثق من قريبه، أو أثبت، أو أحفظ، أو أعلم، أو أقوى، أو أقوى حديثاً، ومثلها: أقوى في الحديث، أو أَجَلُّ، أو أحسن حالاً، أو أصلح حالاً، ومثلها: أصلح، أو أصحُّ حديثاً، أو أعز حديثاً، أو أبصر، أو أشهر، أو أكثر حديثاً، ومثلها: أكثر روايةً، أو أعقل.
الثالثة: أن يكون بلفظٍ مفهومُهُ - لا منطوقه - التفضيلُ، ك (ليس في الثقة كقريبه)، أو (هو بخلاف قريبه)، أو (هو ليس دون قريبه) ...
6) قد يقع خلاف بين العلماء في التفضيل، فإن كان الترجيح في طاقتي رجحت بين الأقوال.
7) قسمت هذا الجزء خمسة أقسام:
الأول: من فضل على أبيه.
الثاني: من فضل على عمه.
الثالث: من فضل على أخيه (أو إخوته).
الرابع: من فضل على ابن عمه.
الخامس: من فضل على ابنه.
تنبيه هام:
لا يلزم من التفضيل التوثيق أو التعديل، كما هو ظاهر في بعض التراجم، وهذا مهم، فإنه قد يُفَضَّلُ الراوي على قريبِهِ وهو ضعيف في روايته، والمقصود من هذا التفضيل: أنه ليس في مرتبةِ ضَعْفِ قريبِهِ.
قال ابن حجر - رحمه الله -: (وينبغي أن يتأمل أيضاً أقوال المُزَكِّين ومخارجها، فقد يقول العدل: (فلان ثقة)، ولا يريد به أنه ممن يحتج بحديثه، وإنما ذلك على حسب ما هو فيه وَوَجهِ السؤال له، فقد يُسأل عن الرجلِ الفاضلِ المتوسطِ في حديثه، فيُقرن بالضعفاء، فيقال: (ما تقول في فلان وفلان وفلان؟)، فيقول: (فلان ثقة)، يريد أنه ليس من نمط من قُرِنَ به، فإذا سئل عنه بمفرده، بيَّنَ حاله في التَّوَسُّط) «لسان الميزان:
1/ 213».
وقال الشيخ إبراهيم اللاحم - حفظه الله -: (والذي يهمنا هنا هو أن تلك المقارنات - يعني: بين الرواة - يلزم للاستفادة منها جيداً: ملاحظةُ النسبية فيها، فالناقد بصدد مقارنة بين راويين أو أكثر، ولا شك أن هذا يختلف عن إطلاق حكم مستقل في الراوي ...
¥