تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذلك وصولاً إلى بناء كيان مبدئي قوي للرواة المعينين تعيينا صحيحاً بما يزيد على السبعين ألف إسنادٍ، وبما يزيد على التسعة آلاف راوٍ.

هذا البناء أصبح ـ بعد اكتماله ـ يمثل نواة مركزية قوية صحيحة للوصول إلى الهدف الأكبر ـ فيما يتعلق بالرواة ـ وهو:

(بناء قاعدة البيانات الشاملة للرواة، التي يتم فيها تعيين الرواة تعيينا صحيحاً في الأسانيد، بما يسمح بحصر جميع مروياته في الموسوعة، مع ربط كل راوٍ بترجمته في كتب الرجال والتراجم).

ولكي يمكن إنجاز هذا المشروع الضخم الذي يحتاج إلى إمكانات كبيرة، وعدداً من الباحثين المؤهلين، فضلاً عن الخدمات العلمية والبرمجية، فقد كان من الضروري اللجوء إلى التعيين الآلي للأسانيد، والذي أصبح بالفعل ممكناً بعد تحقيق وإنشاء قاعدة بيانات كافية من الرواة المعينين، وصالحة للاعتماد عليها في حصر الأنماط المختلفة من سلاسل الرواة، وغير ذلك من الخدمات الأخرى سواء تلك التي تختص بالرواة اختصاصاً مباشراً، أو تلك الخدمات المرتبطة بتمييز الرواة مثل التخريج الآلي للأسانيد، وذلك بالاعتماد على أدوات متقدمة للبحث الصرفي، وغير ذلك من الخدمات والإمكانات المساعدة.

ولا شك أن الأعمال الآلية في المشروع إنما هي خطوة أساسية للإسراع بإنجاز المشروع، ولكن أيضاً كان من الضروري أن تأخذ أعمال المراجعة والتحقيق العلمي دورها ووقتها الطبيعي، وهو بلا شك وقت غير قليل بالنظر إلى هذا الكمِّ الهائل من الأسانيد والرواة الذين تشتمل عليهم الموسوعة.

وعوداً على بدءٍ، فإننا نشير بإذن الله في الأسطر التالية إلى بعض الملامح التي اكتنفت أعمال المراجعة العلمية لتعيين الرواة وتحقيق الصواب فيها بالنظر إلى أقوال أهل العلم في ذلك وتعقبات بعضهم على بعض، وترجيح الراجح منها، وكذلك تحرير ما لم نقف على نص من الأئمة فيه، بالاعتماد على جملة من القواعد العلمية والضوابط والمبادئ التي تحكم العمل في تعيين الرواة، وتمثل المنهج الذي اتبعناه في هذا الشأن.

وجدير بالذكر أن هذه القواعد والضوابط إنما هي مستخلصة ومستقاة من صنيع الأئمة وأقوالهم وتصرفاتهم في تآليفهم، فهي استقراء لمسالكهم في هذا الشأن، ومن ثم فقد كان من الأهمية بمكان حصر هذه الأقوال والتصرفات، وتعقبات بعض الأئمة على بعض، لاستخلاص هذه القواعد أولاً، ولترسيخ المفاهيم والمحاذير المتعلقة بالرواة ثانياً، وكذلك لاستخراج النصوص والعبارات والإشارات من كلام هؤلاء الأئمة بما يستفاد منه في الاستدلال على ما لم يصرحوا به، والقياس على كل ذلك من الأشباه والنظائر، بما ينير السبيل في المواضع المشكلة، والتي ربما لا يوجد فيها لأحدٍ من الأئمة نصٌّ يزيل الإشكال أو يدُلّ على الصواب.

وإذن فهذه المرحلة ـ مرحلة الاستقراء والاستخراج لهذه النصوص والإشارات ـ كانت أمراً في غاية الأهمية كما هو ظاهر، وتوقيتها الطبيعي أن تأتي قبل الشروع في أعمال المراجعة العلمية التي ستستند إلى نتائجها، وما تخرج به من ثنايا كلام الأئمة من مبادئ وقواعد وضوابط وإشارات يمكن القياس على نظائرها، والاستفادة من كل ذلك في معالجة مواضع محددة، بالإضافة إلى مواضع مماثلة أو مشابهة لم يُنَصّ عليها، فضلا عن تَشَرُّب كل ذلك لتكوين أو تقوية ملكة التعامل مع الرواة وهي جزء مما يسميه العلماء غريزة الحديث.

والأمثلة التي سنسوقها ـ بإذن الله ـ ستكون في هذا الإطار، وبالفعل كانت هناك أخطاء في تعيين الرواة في هذه المواضع أو بعضها، قبل إجراء وتطبيق القواعد العلمية، ونصوص الأئمة عليها، وقد آثرنا أن نَسْرُد هذه المقالة في هذا الموضع لئلا نكرر القول عند كل موضع وبيان المقصود منه، فالأمثلة متنوعة، وينبغي على الباحث أن يستشف منها وجه الاستفادة في ضوء ما ذكرناه في هذا الموضع، كما أن صياغة هذه التعليقات العلمية بالشكل المرجو من حيث سهولة التناول والأسلوب الأدبي المناسب كان في بعض المواضع أمراً من الصعوبة بمكان، لأن القصد الأساسي هو إيصال المعلومة والتدليل عليها، ولم يكن القصد إخراج هذه المادة العلمية بما يتناسب مع كتاب مطبوع مثلاً، و لهذا نرجو ـ فقط حالياً لحين إعادة الصياغة بإذن الله ـ أن تكون المادة العلمية وأوجه الاستدلال بالدرجة المرجوة من الوضوح، لأن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير