سابعها: أفضليته في أحد الثلاثة، بأن يكونا فقيهين، أو نحويين، أو حافظين، وأحدهما في ذلك أفضل من الآخر.
ثامنها: زيادة ضبطه، أي اعتناؤه بالحديث واهتمامه به.
تاسعها: شهرته، لأن الشهرة تمنع الشخص من الكذب كما تمنعه من ذلك التقوى.
عاشرها إلى العشرين:
كونه ورعًا، أو حسن الاعتقاد، أي غير مبتدع، أو جليسًا لأهل الحديث، أو غيرهم من العلماء، أو أكثر مجالسة لهم، أو ذكرًا، أو مشهور النسب، أو لا لبس في اسمه بحيث يشاركه فيه ضعيف، وصعب التمييز بينهما، أو له اسم واحد، ولذلك أكثر ولم يختلط، أو له كتاب يرجع إليه.
حادي عشريها: أن تثبت عدالته بالإخبار بخلاف من تثبت بالتزكية أو العمل بروايته، أو الرواية عنه إن قلنا بهما.
ثاني عشريها إلى سابع عشريها:
أن يعمل بخبره من زكاه، ومعارضه لم يعمل به من زكاه، أو يتفق على عدالته، أو يذكر سبب تعديله، أو يكثر مزكوه؛ أو يكونوا علماء، أو كثيري الفحص عن أحوال الناس.
ثامن عشريها:
أن يكون صاحب القصة، كتقديم خبر أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الصوم لمن أصبح جنبًا على خبر الفضل بن العباس في منعه؛ لأنها أعلم منه.
أورد الإمام الطحاوي رواية أبي بكر بن عبد الرحمن يقول: كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة، فذكر أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: "من أصبح جنبًا أفطر ذلك اليوم".
فقال مروان: أقسمت عليك لتذهبن إلى أمّي المؤمنين، عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فتسألهما عن ذلك.
قال: فذهب عبد الرحمن، وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة رضي الله عنها، فسلم عليها عبد الرحمن ثم قال: " يا أم المؤمنين، إنا كنا عند مروان، فذُكر له أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: "من أصبح جنبًا أفطر ذلك اليوم". فقالت عائشة رضي الله عنها: "بئس ما قال أبو هريرة، يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟ ".
فقال: لا والله.
قالت: "فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام، ثم يصوم ذلك اليوم".
قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة رضي الله عنها فسألها عن ذلك فقالت كما قالت عائشة رضي الله عنها فخرجنا حتى جئنا إلى مروان، فذكر له عبد الرحمن ما قالتا ..
فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد، لتركبنّ دابتي، فإنها بالباب، فلتذهبن إلى أبي هريرة رضي الله عنه، فتحدث معه عبد الرحمن ساعة، ثم ذكر ذلك له.
فقال أبو هريرة رضي الله عنه: "لا علم لي بذلك إنما أخبرنيه مخبر".
وفي رواية أخرى عن يعلى بن عقبة قال: أصبحت جنبًا وأنا أريد الصوم، فأتيت أبا هريرة رضي الله عنه فسألته فقال لي "أفطر".
فأتيت مروان فسألته وأخبرته بقول أبي هريرة رضي الله عنه فبعث عبد الرحمن بن الحارث إلى عائشة رضي الله عنها فسألها فقالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج لصلاة الفجر، ورأسه يقطر من جماع، ثم يصوم ذلك اليوم".
فرجع إلى مروان فأخبره فقال: إيت أبا هريرة رضي الله عنه فأخبره، فأتاه فأخبره فقال: "أما إني لم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثنيه الفضل، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
فموقف أبي هريرة رضي الله عنه موقف المرجح لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأم ا لمؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما فهما أعلم.
ونسب السماع إلى الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ما جعل البزار يعلق على رجوع أبي هريرة عما كان يقول من ذلك بقوله في مسنده: "ولا نعلم روى أبو هريرة عن الفضل بن العباس إلا هذا الحديث الواحد".
وقال البيهقي: ورواه البخاري مدرجًا في روايته عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن، إلا أنه قال في حديثه: "فقال: كذلك حدثني الفضل بن عباس وهو أعلم". وروى أنه قال: "أخبرني بذلك أسامة بن زيد". وقد صحّ رجوعه عن ذلك صريحًا.
¥