فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر في ذلك، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صائمًا لو نام نهارًا فأجنب أن ذلك لا يخرجه عن صومه.
فأردنا أن ننظر أنه هل يكون داخلاً في الصوم وهو كذلك؟ أو يكون حكم الجنابة إذا طرأت على الصوم خلاف حكم الصوم إذا طرأ عليها؟.
فرأينا الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم، من الحيض والنفاس، إذا طرأ ذلك على الصوم، أو طرأ عليه الصوم، فهو سواء.
ألا ترى أنه ليس لحائض أن تدخل في الصوم وهي حائض، وأنها لو دخلت في الصوم طاهرًا، ثم طرأ عليها الحيض في ذلك اليوم، أنها بذلك خارجة من الصوم.
فكانت الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم، هي الأشياء التي إذا طرأت على الصوم أبطلته.
وكانت الجنابة إذا طرأت على الصوم باتفاقهم جميعًا، لم تبطله.
فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك إذا طرأ عليها الصوم لم تمنع من الدخول فيه، فثبت بذلك ما قد وافق ما روته أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.
تاسع عشريها: أن يباشر ما رواه.
الثلاثون: تأخر إسلامه، وقيل عكسه؛ لقوة أصالة المتقدم ومعرفته.
وقيل: إن تأخر موته إلى إسلام المتأخر لم يرجح بالتأخير؛ لاحتمال تأخر روايته عنه، وإن تقدم أو علم أن أكثر رواياته متقدمة على رواية المتأخر رجح.
الحادي والثلاثون إلى الأربعين:
كونه أحسن سياقًا واستقصاءً لحديثه. أو أقرب مكانًا. أو أكثر ملازمة لشيخه، أو سمع من مشايخ بلده، أو مشافها مشاهدًا لشيخه حال الأخذ. أو لا يجيز الرواية بالمعنى. أو الصحابي من أكابرهم، أو على رضي الله تعالى عنه وهو في الأقضية، أو معاذ وهو في الحلال والحرام، أو زيد وهو في الفرائض، أو الإسناد حجازي، أو من بلد لا يرضون التدليس.
- القسم الثاني: الترجيح بالتحمل، وذلك بوجوه:
أحدها: الوقت. فيرجح منهم من لم يتحمل بحديث إلا بعد البلوغ على من كان بعض تحمله قبله، أو بعضه بعده؛ لاحتمال أن يكون هذا مما قبله. والمتحمل بعده أقوى لتأهله للضبط.
ثانيها وثالثها: أن يتحمل بحدثنا والآخر عرضًا، أو عرضًا والآخر كتابة، أو مناولة أو وجادة.
- القسم الثالث: الترجيح بكيفية الرواية، وذلك بوجوه:
أحدها: تقديم المحكي بلفظه على المحكي بمعناه؛ والمشكوك فيه على ما عرف أنه مروي بالمعنى.
ثانيها: ما ذكر فيه سبب وروده على ما لم يذكر فيه؛ لدلالته على اهتمام الراوي به حيث عرف سببه، وهذا سيتضح تفصيلاً في هذه الدراسة.
ثالثها: أن لا ينكره راويه ولا يتردد فيه.
رابعها إلى عاشرها: أن تكون ألفاظه دالة على الاتصال؛ كحدثنا وسمعت، أو اتفق على رفعه أو وصله، أو لم يختلف في إسناده، أو لم يضطرب لفظه، أو روي بالإسناد وعزى ذلك لكتاب معروف، أو عزيز والآخر مشهود.
- القسم الرابع: الترجيح بوقت الورود وذلك بوجوه:
أحدها وثانيها: بتقديم المدني على المكي، والدال على علو شأن المصطفى عليه الصلاة والسلام على الدال على الضعف كبدأ الإسلام غريبًا، ثم شهرته، فيكون الدال على العلو متأخرًا.
ثالثها: ترجيح المتضمن للخفيف لدلالته على التأخر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يغلظ في أول أمره زجرًا عن عادات الجاهلية، ثم مال للتخفيف، كذلك قال صاحب المنهاج، ورجح الآمدي وابن الحاجب وغيرهما عكسه وهو تقديم المتضمن للتغليظ وهو الحق؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جاء أولاً بالإسلام فقط، ثم شرعت العبادات شيئًا فشيئًا.
رابعها: ترجيح ما تحمل بعد الإسلام على ما تحمل قبله، أو شك؛ لأنه أظهر تأخرًا.
خامسها وسادسها: ترجيح غير المؤرخ على المؤرخ بتاريخ متقدم، وترجيح المؤرخ بمقارب بوفاته صلى الله عليه وسلم على غير المؤرخ، قال الرازي: والترجيح بهذه السنة، أي إفادتها للرجحان غير قوية.
- القسم الخامس: الترجيح بلفظ الخبر، وذلك بوجوه:
¥