تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن أدنى نظرة من أحد طلبة الحديث لا علماؤه مثل ابن حجر لكتب العلل يرى أن الأئمة رحمهم الله تعالى يخطأون الراوي وإن كان ثقة حافظا كبيرا بالمخالفة حيت تقوم الأدلة والقرائن على خطأه في الحديث وهذا بالقطع لا يحفى على مثل ابن حجر رحمه الله تعالى.

التاسع:

قولك ردا على أبي علي:

بلي هوكما قلت لإنه تقرير أهل الصنعة لكن لايخفاك - وأنت أبا علي - أن الشذوذ يكون إما في السند أو في المتن وليس الشذوذ بمعنى التفرد وإنما مخالفة الثقة لمن هو أولى وقد تكون المخالفة إما في السند أو في المتن

ففيه إشكالات أيضا أيها المحترم المبجل:

أولا: بينا قبل أن قصر الشذوذ على المخالفة إنما هو قول الشافعي فقط وأن الخليلي بين أن هذا مخالف لما عليه أهل الحديث والأثر.

ثانيا: ردك بتقسيم العلماء الشاذ إلى شاذ المتن والإسناد لا علاقة له بطرحنا اللهم إلا إذا قصدت قول الشيخ الخضير الذي نقله المحترم الحبيب النوحي وهو:

والمعنى قال الشيخ عبدالكريم الخضير-بتصرف- (أنه قد يكون الاسناد صحيح ولكن المتن غير صحيح وذلك بسبب الشذوذ فيقول أحد الائمة أن الإسناد صحيح

لكن هذا لايعني أن المتن صحيح.

أقول:

وهذا الإطلاق من الشيخ الخضير إن بنيت عليه ففيه نظر أخي الحبيب أتعرف لماذا؟

لأن هناك فرق بين إطلاق الأئمة لفظ الصحيح وإطلاقهم للفظ التوثيق فأن يكون المتن غير صحيح فمعناه أن الطريق الذي أدي به المتن وهي سلسلة الإسناد أو رجال السند قد أخطا في شيء وإذا أخطأ فهذا يضاد لفظ الصحة إذ أن المتن إنما هو نتاج رواية رجال الإسناد ولن يكون خطأ في المتن إلا إذا كان هناك خطأ من رجال الإسناد، والإ فإن المتن لا يخطأ بنفسه.

إنما يصح أن يقال إن رجال الإسناد ثقات ولكن واحدا منهم أخطأ في روايته فأحال المتن بأي وجه من وجوه الإحالة فنتج عنه عدم صحة المتن.

فإن كان المتن مرويا بطرق أخرى صحيحة لا علاقة لها بهذا الإسناد قيل إن المتن عموما صحيح وقد وجد مثل هذا التصرف من النسائي وأبي حاتم رحمهما الله تعالى.

نعم يصح القول بأن رجال الإسناد قد لا يكونوا من الثقات ومع ذلك يصحح لهم لأن المتن محفوظ أو صحيح.

لكن أن يكون الإسناد ثقات ثم يكون خطأ في المتن، ويوصف السند بالصحة هذا لا ينعقد عند أئمة الحديث والأثر وإن كان عندك في ذلك دليل فإتنا به.

أقول:

أخي الحبيب المحترم الشيخ رضوان رضاك الله تعالى في الدنيا والآخرة:

فعطفا على ما سبق أقول لك إضاءات:

الإضاءة الأولى:

وهي بناء على ما أوضحته لك: فأصل المسألة عندك يحتاج لدراسة أكثر وأنصحك بكتاب ابن رجب شرح العلل، وادمن مطالعة كتب العلل وسترى مصداق ما حررته لك، وقد ظهر لك خلاف كثير منها للمتبع عند أهل الحديث والأثر.

الإضاءة الثانية:

هي أنك لن تجد أحدا من أئمة الحديث الأول أشكل هذا الإشكال وإنما أشكله بعض المتأخرين من أهل الفقه المتعنين لطلب الحديث حيث أنهم لا يشترطون لا انتفاء الشذوذ ولا العلة، فأرادوا الجمع بين مذهب أهل الحديث ومذهب الفقهاء فقالوا هذا، وهو مردود لأن كل أهل مصطلح أعلم بمصطلحهم، ومباحث الحكم على الحديث بالشذوذ أو العلة مردها إلى أهل الحديث لا الفقهاء.

وإني لأرجو أن توفق لإيراد إشكالا واحدا عند الأئمة الأول في ذلك ولن تجد إن شاء الله تعالى لأن الأمر كان مستقرا عندهم لا لبس فيه ولا غيره.

ثم أختم لك بأمر عام إذا علمته سترى أن أصل الإشكال لا مجال له بالمرة:

إن العلة إنما هي سبب يقدح في صحة الحديث مع أن الظاهر السلامة منه فمعنى ذلك إن العلة اسم لما يقدح في الحديث وقد قيد كثير من العلماء العلة بالوصف الخفي الذي لا يدركه سوى العلماء والمتخصصين.

وقد وصف العلماء إدراك العلة بالتفرد والمخالفة:

وعليه:

فالعلة مظلة ينزل تحتها أنواع كثيرة من القوادح فمثلا:

إذا كان الراوي مخالفا لغيره ممن هم أولى منه في هذا الحديث بالصواب فإن حديثه يسمى شاذا ويسمى منكرا ويطلق عليه خطأ ووهم وتوصف بعض هذه الشواذ والنكارة بقولهم: سلك الجادة أو لزم المجرة .. الخ أوصافهم وإطلاقاتهم على الأحاديث التي ثبت خطأ راويها فيها.

وعليه فالشاذ شكل من أشكال العلة.

والنكارة شكل من أشكال العلة.

ولذلك فكثير من المحققين من أهل الحديث المتأخرين كان يشكل على ابن الصلاح اشتراطه انتفاء الشذوذ والعلة حيث أن الشذوذ بحد ذاته شكل من اشكال العلة.

فإذا علمت هذا أخي تبين لك أن القول بصحة الحديث الشاذ قول خطأ.

بل ويلزم منه أمور قبيحة منها:

الأول: الجمع بين ضدين إذ أن الشذوذ نمط من أنماط العلة، فعليه يكون الحديث المعلول صحيحا وهذا لم يقل به أحد من علماء الحديث البتة.

الثاني: أن نصف علم الحديث قد ذهب إلى غير رجعة أتعرف لماذا، لأن علم العلل هو لب علم الحديث وهو الذي فرق بين علماؤه الأفذاذ وبين غيرهم من فقهاء أو وعاظ أو مفسرين ... الخ.

الثالث: أن علماء الحديث كانوا يرحلون ويذهبون ليجمعوا طرق الحديث هكذا بلا فائدة ولا فهم، لأن حديث الثقة إذا كان مقبولا حتى ولو خالف فلماذا جمع طرق حديث الثقة فيجمعون حديث حماد ثم من روى الحديث عن شيخ حماد غير حماد، ثم من روى عن حماد ثم يوازنون بين مروياتهم حتى يخرجوا بالصحيح تأمل الصحيح.

الرابع: إن لازم هذا القول الذي تقوله هو بطلان أصل من أصول علم الحديث وهو الإعتبار وهو المقصود في كلام العراقي:

الإعتبار سبرك الحديث هل شارك راو غيره فيما سمع

... الخ.

فغاية الإعتبار معرفة الصحيح من غير الصحيح ومن أخطأ ومن أدى الحديث على الوجه.

أقول:

تدبر ما قلته أخي الحبيب وتأمل فيه غاية التأمل، واعذرني إن أخطأت في لفظة أو ند من لساني كلمة فيها شيء، فقد كتبت هذا على استعجال ولم يكن تحت يدي إلا شرح علل الترمذي أخذت منها نص ابن رجب فاعذرني بارك الله تعالى فيك، فحياك الله وعلمك الله ووفقك الله.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير