تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذي يظهر لي –والله أعلم – بعد النظر في أقوال أهل العلم أن القول الراجح الذي عليه الجمهور من المحققين هو الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة. فقد قال إمام المحدثين الإمام البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيد والحميدي، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين. قال البخاري: من الناس بعدهم. وقال إسحاق بن راهويه: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر. قال النووي: هذا التشبيه نهاية الجلالة من مثل إسحاق رحمه الله. ثم قال: وعمرو بن شعيب ومحمد ثقات، وثبت سماع شعيب من محمد و من عبدالله، هذا هو الصواب الذي قاله المحققون والجماهير. وذكر ابن حبان أن شعيباً لم يلق عبدالله، وأبطل الدار قطني وغيره ذلك، وأثبتوا سماع شعيب من عبدالله وبينوه، ثم قال: والصحيح المختار هو صحة الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وهو الذي ذهب إليه أكثر المحققين من أهل الحديث وهم أهل هذا الفن وعنهم يؤخذ. ويكفي فيه ما قاله إمام المحدثين البخاري.

وقال ابن الصلاح: وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. حملاً لمطلق الجد فيه على الصحابي عبدالله بن عمرو بن العاص دون ابنه محمد والد شعيب، لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك.

وقال المنذري في الترغيب والترهيب: الجمهور على توثيق عمرو بن شعيب وعلى الاحتجاج بروايته عن أبيه عن جده.

وحسّن شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/ 341) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وصحح المزي سماع شعيب من جده عبدالله بن عمرو، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فقال في تهذيب الكمال (12/ 536): وهكذا قال غير واحد أن شعيباً يروي عن جده عبدالله، ولم يذكر أحد منهم أنه يروي عن أبيه محمد، ولم يذكر أحد لمحمد بن عبدالله والد شعيب هذا ترجمة إلا القليل، فدل ذلك على أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيح متصل إذا صح الإسناد إليه، وأن من ادعى فيه خلاف ذلك فدعواه مردودة حتى يأتي بدليل صحيح يعارض ما ذكرناه.

وتعقب الذهبي في الميزان ابن عدي في قوله: عمرو بن شعيب في نفسه ثقة إلا إذا روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم يكون مرسلاً لأن جده عنده محمد بن عبدالله بن عمرو ولاصحبة له.

فقال الذهبي: هذا لاشيء، لأن شعيباً ثبت سماعه من عبدالله، وهو الذي رباه حتى قيل أن محمداً مات في حياة أبيه عبدالله، فكفل شعيباً جده عبدالله.فإذا قال: عن أبيه ثم قال: عن جده –فإنما يريد بالضمير من جده أنه عائد إلى شعيب. وبعضهم تعلل بأنها صحيفة رواها وجادة، ولهذا تجنبها أصحاب الصحيح،والتصحيف يدخل على الرواية من الصحف بخلاف المشافهة بالسماع. وقد قال يحيى القطان: إذا روى عنه ثقة فهو حجة.

وقال أيضاً في السير: الرجل لا يعني بجده إلا جده الأعلى عبدالله رضي الله عنه. وقد جاء كذلك مصرحاً به في غير حديث ويقول: عن جده عبدالله، فهذا ليس بمرسل، وقد ثبت سماع شعيب والد عمرو من جده عبدالله بن عمرو ومن معاوية وابن عباس وابن عمر وغيرهم. ولم نجد صريحاً لعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده محمد بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما تعليل بعضهم بأنها صحيفة، روايتها وجادة بلا سماع، فمن جهة أن الصحف يدخل في روايتها التصحيف لا سيما في ذلك العصر، إذ لا شكل بعدُ في الصحف، ولا نقط بخلاف الأخذ من أفواه الرجال.

وتعقب ابن حبان أيضاً في قوله: إن شعيباً لم يلق عبدالله، وإن روايته عن أبيه عن جده، إما منقطعة أو مرسلة. فقال: محمد بن عبدالله قديم الموت، وصحّ أن شعيباً سمع من معاوية، وقد مات معاوية قبل عبدالله بن عمرو بسنوات فلا ينكر له السماع من جده، لا سيما وهو الذي رباه وكفله.

وقال في موضع آخر: روايته عن أبيه عن جده ليست بمرسلة ولا منقطعة. أما كونها وجادة، فهذا محل نظر، ولسنا نقول إن حديثه من أعلى أقسام الصحيح، بل هو من قبيل الحسن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير