تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: فالذي ترجح عند الذهبي أن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قبيل الحسن. وهو الذي توصل إليه في مؤلفاته. فقال في السير: ولسنا ممن يعد نسخة عمرو عن أبيه عن جده من أقسام الصحيح الذي لا نزاع فيه من أجل الوجادة، ومن أن فيها مناكير. فينبغي أن يتأمل حديثه، ويتحايد ما جاء منه منكراً، ويروى ما عدا ذلك في السنن والأحكام محسنين لإسناده، فقد احتج به أئمة كبار، ووثقوه في الجملة، وتوقف فيه آخرون قليلاً، وما علمت أن أحداً تركه.

وقال في الموقظة صـ32: أعلى مراتب الحسن: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقال في المغني: عمرو بن شعيب مختلف فيه، وحديثه حسن وفوق الحسن.

وممن صحح رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من الأئمة العلائي. فألف جزأً مفرداً في صحة الاحتجاج بنسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والجواب عما طعن به عليها، وقال: ومما يحتج به لصحتها احتجاج مالك بها في الموطأ.

ورجح العراقي في شرحه على ألفيته القول بالاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (3/ 92 - 96).

وفصّل ابن حجر القول فيها فقال في التهذيب: عمرو بن شعيب ضعفه ناس مطلقاً ووثقه الجمهور، وضعف بعضهم روايته عن أبيه عن جده حسب. ومن ضعفه مطلقاً فمحمول على روايته عن أبيه عن جده، فأما روايته عن أبيه فربما دلس ما في الصحيفة بلفظ "عن" فإذا قال حدثني أبي فلا ريب في صحتها. وأما رواية أبيه عن جده فإنما يعني بها الجد الأعلى عبدالله بن عمرو، لا محمد بن عبدالله، وقد صرّح شعيب بسماعه من عبدالله في أماكن، وصح سماعه منه. ثم ذكر ابن حجر جملة من الأحاديث الدالة على أن المراد بالجد هو عبدالله بن عمرو، لا محمد بن عبدالله. ثم قال: لكن هل سمع شعيب منه جميع ما روى عنه أم سمع بعضها والباقي في صحيفة. الثاني أظهر عندي، وهو الجامع لاختلاف الأقوال فيه، وعليه ينحط كلام الدارقطني وأبي زرعة. وأما اشتراط بعضهم أن يكون الراوي عنه ثقة، فهذا الشرط معتبر في جميع الرواة، لا يختص به عمرو، وأما قول ابن عدي: فلم يدخلوها في صحاح ما خرجوا فيه. فيرد عليه إخراج ابن خزيمة له في صحيحه، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام على سبيل الاحتجاج، وكذلك النسائي، وكتابه عند ابن عدي معدود في الصحاح، ولكن ابن عدي عنى غير الصحيحين فيما أظن فليس فيهما لعمرو شيء. وقد أنكر جماعة أن يكون شعيب سمع من عبدالله بن عمرو، وذلك مردود. وقد حكى الدارقطني كلام ابن حبان في ذلك وقال: هذا خطأ قد روى عبيد الله بن عمر العمري وهو من الأئمة عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: كنت عند عبدالله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في مسألة، فقال: يا شعيب أمض معه إلى ابن عباس فذكر الحديث.

ثم ذكر ابن حجر قول ابن معين: عمرو بن شعيب هو ثقة في نفسه، وما روى عن أبيه عن جده، لا حجة فيه وليس بمتصل، وهو ضعيف من قبيل أنه مرسل، وجَدَ شعيب كتب عبدالله بن عمرو فكان يرويها عن جده إرسالاً وهي صحاح عن عبدالله بن عمرو، غير أنه لم يسمعها. ثم قال ابن حجر: قلت: فإذا شهد له ابن معين أن أحاديثه صحاح غير أنه لم يسمعها فصحّ سماعه لبعضها، فغاية الباقي أن يكون وجادة صحيحة، وهو أحد وجوه التحمل.

قلت: الذي ترجح عند الحافظ أن شعيباً سمع من جده عبدالله بن عمرو بعض تلك الأحاديث والباقي صحيفة، وأن صحيفة عبدالله بن عمرو صحيحة كما قاله ابن معين، غير أن شعيباً لم يسمعها منه وقد صح سماعه لبعضها، فيحكم على ما لم يسمعه من جده أن يكون وجادة صحيحة. وهي أحد وجوه التحمل. وقد اعتمد في شرحه على نخبة الفكر صـ 85: أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قبيل الحسن.

ورجح هذا القول أيضاً السخاوي في فتح المغيث (4/ 190). والسيوطي في ألفيته صـ212. والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (2/ 140 - 144). وقال: إنها من أصح الأسانيد.

فالذي يظهر لي – والله أعلم – أن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يحتج بها، وهي من قبيل الحسن، كما تقدم عن الأئمة شيخ الإسلام ابن تيمية، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم.

وأما قول إسحاق بن راهويه: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر، ففيه مبالغة لا تخفى، والحق أنه حسن الحديث. كما قاله الشيخ ناصر الألباني – رحمه الله - في الإرواء (8/ 70).

ترجمة عمرو بن شعيب مع الكلام على روايته عن أبيه عن جده في: التاريخ الكبير (6/ 342).وسنن الترمذي (2/ 140) و (3/ 33) مع تعليق الشيخ أحمد شاكر عليه. والجرح والتعديل (6/ 238). والمجروحين (2/ 71). والكامل لابن عدي (5/ 114). وسنن الدارقطني (3/ 50).والمستدرك (2/ 65). والتقصي لحديث الموطأ صـ254. والسنن الكبرى للبيهقي (5/ 168). والمحلى لابن حزم (5/ 232). وكتاب الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 227). ومقدمة ابن الصلاح شرح علوم الحديث مع شرح العراقي لها صـ329. والمجموع للنووي (1/ 106). وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 344). والترغيب والترهيب للمنذري (4/ 576). ومنهاج السنة (4/ 431). وتهذيب الكمال (22/ 64)، (12/ 536) والميزان (3/ 263). والسير (5/ 165).والمغني (2/ 145). والموقظة صـ32. وجامع التحصيل للعلائي صـ244. ونصب الراية (1/ 58 - 59). والتبصرة والتذكرة للعراقي (3/ 92). وتهذيب التهذيب (8/ 48). والتقريب ت5085 صـ738. ونزهة النظر شرح نخبة الفكر صـ85. وطبقات المدلسين صـ35 ت 60.وفتح المغيث للسخاوي (4/ 190).وتدريب الراوي (2/ 258). وألفية السيوطي صـ212. وإرواء الغليل للألباني (8/ 70). والسلسلة الصحيحة (1/ 92).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير