((فهذا لم يعترف بوضعه، لكن صنعه له في الحال، ليرجح أحد القولين، مع أن المستقر في الأذهان أن الحسن البصري لم يولد إلا بعد وفاة النبي _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _، فدل ذلك على كذبه، ووضعه لهذا الحديث، وإن لم يعترف هو بهذا، واله أعلم)) ا هـ.
(3) قرائن حال الراوي.
(ا): ما يتعلق بالتاريخ.
كأن يروى الراوي عن شيخ أو مشايخ، ويدعى السماع منهم، أو اللقاء، فإذا حوقق عن سماعه، أو لقائه منهم يتبين كذبه لأن هذا الشيخ أو هؤلاء الشيوخ قد ماتوا قبل ادعائه ذلك بدهر.
مثاله: ما ذكره ابن حبان في ((المجروحين (ج 3 ص 45) عن مأمون بن أحمد السلمي في دعواه السماع من هشام بن عمار، قال ابن حبان: ((قلت له يوماّ: متى دخلت الشام؟ فقال سنه خمسين ومائتين، فقلت: فإن هشام بن عمار الذي نروى عنه مات فى سنه خمس و أربعين ومائتين – فقال هذا هشام بن عمار آخر)).
مثال أخر: سهيل بن ذكوان أبو السندى:
قال الذهبي – رحمه الله – في ((الميزان)). (2/ 242):
((سهيل بن ذكوان – عن عائشة، وزعم إنها كانت سوداء، فكذبه يحيى ابن معين))
وقال عباد بن العوام: قلت لسهيل بن ذكوان: أرأيت عائشة؟ قال: نعم، قلت: صفها لي قال: كانت إدماء، قال عباد: كنا نتهمه بالكذب، قد كانت عائشة بيضاء شقراء)) ا هـ.
وفى ((اللسان)) (3/ 142): وقال ابن المدينى: حدثنا محمد بن الحسن الواسطى، عن سهيل بن ذكوان، قال: ((لقيت عائشة بواسط))، ا هـ.
وهكذا يكون الكذب، فقد ماتت عائشة قبل أن يخطط الحجاج مدينة واسط بدهر، ا هـ
(ب): أن يدعى سماع شيخ فيروى عنه حديثا، أو أحاديثه فيسال هذا الشيخ عن ذلك، فينفى ذلك جزماُ.
ومثاله:
قال عبد الله بن أحمد: ((قلت لأبى: ابن الحمانى حًدَّثَ عنك بحديث إسحاق الأزرق [أبردوا بالصلاة]، قال: كذب ما حدثته به، قلت: حكوا عنه انه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل، فقال: كذب، إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك، أنا لا اعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب، أى وقت التقينا على باب إسماعيل؟ إنما كنا نتذاكر الفقه؟ والأبواب
(ج): أن يلزق الراوي بشيخه أحاديث ليست من حديثه.
ومثاله:
محمد بن عبد الله بن القاسم، أبو الحسين النحوي الرازى، الملقب ب ((جراب الكذب)) ففي ((اللسان))، (5/ 229 – 230):
((قال الشيرازى في ((الألقاب)): سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعى، يقول: سمعت منه، وكان يقعد بالري في زاوية تعرف ب ((زاوية الكذب)) فحدثنا في تلك البقعة في يوم جمعة، فقال: حدثنا أبو حاتم، قال: حدثنا شاذان، وعفان، وعارم، وقالوا: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن انس رضى الله عنه – رفعه، قال: يؤزن مداد العلماء، ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على مداد الشهداء، فعرضناه على شيخنا أبى على بن عبد الرحيم، فقال: كذب، فلم يكن عند أبى حاتم عن شاذان شئ، ولكن قولوا: حدثنا جراب الكذاب، في زاوية الكذب، بحديث كذب)) هـ
(د): ومنها ما يتعلق بملابسات تحيط بظروف الرواية.
كما فعل سعد بن طريف الإسكاف عندما جاء ابنه يبكى من ضرب المعلم إياه فقال سعد: أما والله لاخزينهم، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معلمو صبيانكم شراركم، أقلهم رحمة ليتيم، و اغلظهم على مسكين)).انظر ((الفؤائد المجموعة)) (ص 176).
(ه): ومنها أن تدل واقعة الرواية على التزلف للحكام، ويكون الراوي معروفا بذلك.
كما فعل غياث بن إبراهيم فى إقحامه ما يتعلق بالحمام بين يدى المهدى، وهو يطير الحمام فقال للمهدى بإسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم: ((لا سبق الا فى نصلٍ أو خفٍ أو حافرٍ أو جناح)
فأقحم على الحديث قوله: ((او جناح)) ليدخل حمام المهدى فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم. انظر القصة بتمامها فى ((الموضوعات)) (1/ 42 – 3/ 188).
(و): ومنها ان يكون فى إسناد الحديث من قال فيه أئمة الجرح والتعديل: (كذاب) او (وضاع) او (دجال) او (يضع) او (من معادن الكذب) او (اليه المنتهى فى الكذب).
¥