أخرج الخطيب بإسناده عن الربيع بن خثيم في ((الكفاية)) (ص431) قال: ((إن من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار نعرفه، وإن من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل ننكره)).
والمرادُ بالركةَّ التى تدل على وضع الحديث: ((الضعف عن قوة فصاحته صلى الله عليه وسلم في اللفظ والمعنى معاًً)) انظر ((فتح المغيث)) (جـ1 صـ 314).
وكان ابن الصلاح رحمه الله قد قرر فى المقدمة أنه: ((وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها)).
وقال الحافظ ابن حجرفى ((نكته)) على المقدمة (جـ3 ص844).
((اعترض عليه بأن ركاكة اللفظ لا تدل على الوضع حيث جوزت الرواية بالمعنى. نعم، إن صرح الراوي بأن هذا صيغة لفظ الحديث، وكانت تخل بالفصاحة أو لا وجه لها في الإعراب، دل على ذلك. والذي يظهر أن المؤلف لم يقصد أن ركاكة اللفظ وحده تدلُ كما تدلُ ركاكة المعنى، بل ظاهر كلامه أن الذي يدل هو مجموع الأمرين: ركاكة اللفظ وركاكة المعنى معاً. لكن يرد عليه أنه ربما كان اللفظ فصيحاً والمعنى ركيكاً، إلا أن ذلك يندرُ وجودهُ، ولا يدل بمجرده على الوضع بخلاق اجتماعهما تبعا للقاضي أبى بكر الباقلانى)).
وقال أيضاً ابن حجر العسقلانى. كما فى ((تدريب الراوي) للسيوطى (1/ 276):
((المدار في الركة على ركة المعنى، فحيثما وجدت دل على الوضع، وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ لأن هذا الدين كله محاسن، و الركة ترجع إلى الرداءة، وأما ركة اللفظ، فلا تدل على ذلك، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير ألفاظه بغير فصيح، نعم، إن صرح بأنه لفظ النبى صلى الله عليه وسلم فكاذب .... )) اهـ.
والمراد بالركه فى المعنى: ((أن يكون مخالفأً للعقل ضرورة أو استدلالاً، ولا يقبل تأويلاً بحال، نحو الإخبار عن الجمع بين الضدين، وعن نفى الصانع، وقدم الأجسام، وما أشبه ذلك، لأنه لا يجوز أن يرد الشرعٌ بما ينافى مقتضى العقل)). انظر فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوى (جـ 1 صـ 315).
رابعاً: أن يكون الحديث يشبه كلام الأطباء.
كحديث ((كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود)).
رواه ابن عدى عن ابن عباس مرفوعاًً وفى إسناده عصمة بن محمد وهو كذاب.
وكحديث: ((الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلة الولد، فأمره أن يأكل البيض والبصل)).
رواه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعاًً وقال: موضوع بلا شك.
خامساً: أن يدعى على النبي صلى الله عليه وسلم انه فعل أمرًا ظاهراً بمحضر من الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه.
كما يزعم أكذب الطوائف (الرافضة): أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد على ابن أبى طالب رضى الله عنه بمحضر الصحابة كلهم، وهم راجعون من حجه الوداع، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال: هذا وصيي، وأخي، والخليفة من بعدى، فاسمعوا له، وأطيعوا، ثم اتفق الكل على كتمان ذلك، وتغييره، ومخالفته – فلعنه الله على الكاذبين.
سادساً أن يشتمل الحديث على مجازفات فى الوعد والوعيد من أجل أفعال صغيرة.
كحديث: ((من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أُعطى ثواب سبعين نبياً))، قال ابن القيم عقبه. ((وكان هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام، لم يُعط ثواب نبي واحدٍ).
سابعاً: سماجة الحديث، وكونه مما يسخر منه:
كحديث: ((لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً، ما أكله جائع إلا أشبعه)).
وكحديث: ((من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه الداء مثلها)).
ثامناً: مخالفه الحديث للثابت من التاريخ:
مثاله: ما ذكره الذهبي فى ((ميزان الاعتدال)) (جـ2 صـ 2439):
((أن سهيل بن ذكوان أبا السندى، قال: لقيت عائشة بواسط)) وفى التعليق عليه: وكذا يكون الكذبُ، فقد ماتت عائشة قبل ان يخط الحجاج مدينه واسط بدهر.
تاسعاً: ومنها ان يروى المبتدع الداعي إلى بدعته حديثاً فى تأييدها.
كأحاديث خلق القرآن والإرجاء والقدر وغيرها. ومنهم أصحاب الأهواء والآراء التى لا دليل عليها من الكتاب والسنة، وضعو أحاديث نصرة لأهوائهم وآرائهم، كالخطابية، والرافضة، وغيرها.
قال عبدالله بن يزيد المقرىء: ((ان رجلا ً من أهل البدع رجع عن بدعته، فجعل يقول.انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه! فإنا كنا إذا رأينا رأيا ً جعلنا له حديثا ً)).
وقال حماد بن سلمة: ((أخبرنى شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الحديث)).
عاشراً: أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه.
مثل هذا الحديث: ((إن الأرض على صخره، والصخره على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة، فتحركت الأرض وهى الزلزلة)). ا هـ.
وكحديث ((وضع الجزية عن أهل خيبر)) وهو حديث باطل موضوع، وقد بين ابن القيم – رحمه الله – بطلانه من عشرة اوجه. أكتفى منها بأربعه فقط.
(1): أن فيه شهادة سعد بن معاذ، وسعد توفى قبل ذلك فى غزوه الخندق.
(2): أن فيه (و كتب معاوية بن أبى سفيان)، هكذا، ومعاوية إنما اسلم زمن الفتح.
(3): أن فيه (وضع عنهم الكلف والسخر)،. ولم يكن فى زمنه كلف ولا سخر ولا مكوس.
(4): أن الجزيه لم تكن نزلت حينئذ، ولا يعرفها الصحابة، ولا العرب، وإنما نزلت فى عام تبوك.
انظر (المنار المنيف) (ص52).
حادى عشر: أن يكون الحديث باطلاً فى نفسه ن فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
كحديث: ((المجرة التى فى السماء من عرق الأفعى التى تحت العرش)).
مقتبس من مقدمة كتابى ((تنبيه الأنام لكذب وبطلان كثير مما أشتهر على ألسنة العوام)).
وكتبه / أبو الأشبال ناصر الهوارى السكندرى
¥