تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ وجاء في (ترتيب المدارك) للقاضي عياض: (قال ابن وهب: لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت، فقيل له: كيف ذلك؟ قال: أكثرت من الحديث فحيّرني؛ فكنت أعرض ذلك على مالك والليث فيقولان لي: خذ هذا، ودع هذا!) (5).

3 ـ قال محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة: (لا يستقيم العلم بالحديث إلا بالرأي، ولا يستقيم العمل بالرأي إلا بالحديث) (6)، وقوله حكاه عنه السرخسي في أصوله.

4 ـ قال الإمام الخطابي في (معالم السنن): (رأيت أهل العلم في زماننا قد حصلوا حزبين، وانقسموا إلى فرقتين: أصحاب حديث وأثر، وأهل فقه ونظر؛ كل واحدة منهما لا تتميّز عن أختها في الحاجة، ولا تستغني عنها في درك ما تنحوه في البغية والإرادة؛ لأن الحديث بمنزلة الأساس الذي هو الأصل، والفقه بمنزلة البناء الذي هو له كالفرع، وكل بناء لم يوضع على قاعدة وأساس فهو منهار، وكل أساس خلا عن بناء وعمارة فهو قفر وخراب) (7).

ولا شك أن رواج الأحاديث الضعيفة والموضوعة في مدوّنات الفقه شاهد حيّ على فجوة الجفاء، والتنافر بين الفقه والحديث، ومحرّض قوي على إبداع صيغة الوصل المفقود بين الفنّين. ويحسن بنا هنا خروجاً من ضبابية التجريد والتنظير: أن نجلب أمثلة من الواهي والسقيم، مما عليه عمل فقهائنا في كتبهم، وهي قليل من كثير، وصُبابة من غدير:

ـ استدل الحنفية في (باب نواقض الوضوء) بقصة الأعمى التي رواها الطبراني في (المعجم الكبير) عن أبي موسى قال: «بينما النبي -صلى الله عليه وسلم - يصلّي بالناس إذ دخل رجل فتردّى في حفرة كانت في المسجد، وكان في بصره ضرر، فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم - من ضحك أن يعيدوا الوضوء والصلاة»، والحديث ضعيف، آفته محمد بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم، اختُلف في أمره ما بين موثق له كالدارقطني وأبي حاتم، ومجرّح كأبي داود الذي قال: (لم يكن بمحكم العقل) (1). ورواه البيهقي عن أبي رفيع بن مهران الرياحي مرسلاً، ومراسيل أبي العالية لا يعتدّ بها، قال سيرين: لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبي العالية؛ فإنهما لا يباليان عمن أخذا) (2)، وقال الشافعي: (حديث أبي العالية الرياحي رياح) (3).

ـ استدل المالكية على مشروعية سلت الذَّكَر ونتره بحديث: «إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات»، رواه ابن ماجه برقم (326)، وهو ضعيف، آفته عيسى بن يزداد، قال البخاري: لا يصح حديثه، وقال أبو حاتم: لا يصح حديثه، وليس لأبيه صحبة (4).

ـ استدل الشافعية على تعيّن التراب للتيمّم بما رواه الشافعي في (الأم)، والبيهقي في (سننه) عن أبي الجهيم قال: «مررت على النبي -صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلّمت عليه فلم يردّ، حتى قام إلى جدار فحتّه .. »، وهو ضعيف من وجهين:

الأول: السند، وفيه علّتان: الأولى: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي، وأبو الحويرث شيخ إبراهيم، جرحا بجرح شديد تُطرح به روايتهما.

والثانية: الانقطاع؛ لأن الأعرج لم يسمع من ابن الصمة، كما بيّنه البيهقي في سننه عقب رواية الحديث.

الثاني: المتن، وفيه نكارة ظاهرة لم تَخْفَ على دهاقنة الحديث وصيارفته، ومنهم البيهقي؛ لأن الحديث ورد من طريق الثقاث الأثبات بغير هذا السياق المنكر والزيادة المردودة؛ مما يؤكد أن زيادة: (حتّ الجدار بالعصا) تفرّد بها إبراهيم بن محمد شيخ الشافعي، وهو ضعيف هالك لا يعتدّ بمثله في الشواهد والمتابعات؛ فكيف إذا خالفت روايته الثقات الضابطين؟ (5).

ـ استدلّ الحنابلة على جواز قراءة القرآن على الميت بحديث: (اقرؤوا يس على موتاكم»، رواه أبو داود، وابن ماجة، والحاكم، وأحمد، وغيرهم من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أبيه عن معقل بن يسار ...

والحديث ضعيف، آفته مجهولان: أبو عثمان، وأبوه. قال الذهبي: (أبو عثمان: يقال اسمه سعد، عن أبيه عن معقل بن يسار، بحديث: «اقرؤوا يس على موتاكم» لا يعرف أبوه ولا هو، ولا روى عنه سوى سليمان التيمي) (6)، وقال ابن حجر: (وأعلّه ابن القطان بالاضطراب، وبالوقف، وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه، ونقل أبو بكر ابن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصحّ في الباب حديث) (7).

2 ـ آليات الوصل:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير