الأول منها: أن المتقدمين لم تكن عادتهم الاحتياط الخفيف فضلاً عن الشديد، وإنما كانت عادتهم الاعتدال والتوسط والإنصاف والتثبت والتحري؛ ومن أمعن النظر في الذي وصلنا من أمهات كتبهم في الرواية والرجال والعلل وعرف مسالكهم ومناهجهم في علمهم علم أن الشيخ رحمه الله لم يكن موفقاً للصواب في هذا الكلام.
نعم كان نفر يسير منهم يظهر منهم تشدد يسير أحياناً قليلة ولأسباب اقتضت من مثلهم ذلك النوع من التشدد في ذلك المقام.
وثانيها: أن القدح في راو زاد في سند رواية له، أو في متنها، شيئاً لم يأت به غيره بسبب تلك الزيادة، ليس معروفاً من طريقة القدامى ولا من طريقة غيرهم.
وثالثها: أن الصواب في زيادة الثقة أنه لا يشترط لردها عدم إمكان الجمع بين الروايتين المزيدة والناقصة، وليس هذا موضع تفصيل أحكام زيادة الثقة؛ والشيخ أحمد محمد شاكر في قبول زيادة الثقة بل والموثَّق غاية في التساهل، وانظر (النافلة) للحويني (2/ 14).
************************************************** ************************************************** ************
الهوامش:
(1) أي أن التخفيف الحاصل في الرواية فيما لا يتعلق بالصدق تعلقاً معتبراً لا بد أن يقابله تشديد فيما يتعلق بالصدق تعلقاً مباشراً أو بيناً معتبراً.
(2) انظر لتكميل ما ذكره المعلمي رحمه الله من الفروق بين شأن الرواية وشأن الشهادة ما ذكره السيوطي في هذا الباب في (تدريب الراوي) (1/ 331 - 334) فإنه قال: (فائدة: من الأمور المهمة تحرير الفرق بين الرواية والشهادة وقد خاض فيه المتأخرون، وغاية ما فرقوا به الاختلاف في بعض الأحكام كاشتراط العدد وغيره، وذلك لا يوجب تخالفاً في الحقيقة؛ قال القرافي: أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام المازري، فقال: الرواية هي الإخبار عن عامٍّ لا ترافع فيه إلى الحكام، وخلافه الشهادة.
وأما الأحكام التي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجمعها وأنا أذكر منها ما تيسر)؛ ثم ذكر ذلك.
(3) يريد العصمة من مثل ذلك الميل لا العصمة المطلقة فإنها للأنبياء خاصة.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[06 - 11 - 05, 06:58 ص]ـ
الحلقة الرابعة
%%%%%%%%%%%%%
%%%%%%%%%%%%%
(31)
(((أقسام الانقطاع)))
الأسانيد المنقطعة إذا أردنا بالانقطاع معناه الأعم وهو كل ما ليس بمتصل بين راويه صاحب الكتاب ومنتهاه (1) فإنه حينئذ ينقسم باعتبارات عديدة، وكما يأتي:
(((التقسيم الأول: باعتبار قوة العلم بوقوعه في السند)))
تقسم الأسانيد إلى متصلة ومنقطعة؛ وكل من الاتصال والانقطاع يكون قطعياً أو ظنياً؛ فالقطعي ما اتضح دليله؛ والظني ما كان أرجح من ضده وقارب أن يكون علماً؛ فمثال الانقطاع الظني انقطاع الحديث المختلف في اتصاله ولكن احتمال الانقطاع فيه أقوى بقدر معتبر؛ كالسند الذي فيه عنعنة مدلس مكثر من التدليس، ولم تقم قرينة خارجية ترجح سماعه لذلك الحديث من شيخه فيه.
(((التقسيم الثاني: باعتبار عدد مواضع الانقطاع)))
ينقسم المنقطع بهذا الاعتبار إلى قسمين:
الأول: المنقطع في موضع واحد.
الثاني: المنقطع في موضعين.
وسواء في الحالتين أن يكون الانقطاع في الموضع الواحد براو واحد، وهو الذي يكاد المتأخرون يخصونه بإسم المنقطع، أو أن يكون بأكثر من راو، وهو الذي يطلقون عليه اسم المعضل.
(((التقسيم الثالث: باعتبار عدد الرواة الساقطين في موضع واحد)))
ينقسم المنقطع بهذا الاعتبار إلى قسمين المنقطع والمعضل كما تقدم.
(((التقسيم الرابع: باعتبار عدد الرواة الساقطين من السند كله)))
ينقسم المنقطع باعتبار عدد الرواة الساقطين إلى قسمين:
الأول: ما سقط منه راو واحد، وتقدمت تسميته.
الثاني: ما سقط منه أكثر من راو، فإن سقط في موضع واحد أكثر من راوي، أي سقط راويان أو أكثر على التوالي، فهو المعضل كما تقدم، وإلا فهو منقطع في موضعين أو أكثر.
ولو جاز أن نجعل إسقاط السند بكليته، أو ما عدا صحابيه، نوعاً من أنواع الانقطاع، لكان ذلك ثالث القسمين المذكورين؛ ولكن اصطلاح المحدثين لم يجر على هذا، أي على تسمية حذف السند انقطاعاً.
(((التقسيم الخامس: باعتبار موضع السقوط)))
ينقسم المنقطع من حيث موضع السقوط إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المعلق وهو ما سقط منه شيخ المصنف سقوطاً ظاهراً، سواء سقط معه بعض من فوقه أو لا.
¥