الثاني: المرسل، وهو ما لم يذكر في رواته أحد من الصحابة؛ بل يرويه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يذكر واسطته من الصحابة.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن لفظة (المرسل) لم تكن عند المتقدمين مختصة بما يرسله التابعي؛ فتراهم كثيراً ما يقولون: (أحاديث فلان عن فلان مرسلة)، أو نحو هذه العبارة التي يريدون بها إثبات الواسطة بينهما في الأخذ، أي عدم سماع الأدنى من الأعلى.
الثالث: المنقطع، وهو ما عدا هذين القسمين، أي ما كان السقط فيه من أثنائه.
(((التقسيم السادس: باعتبار صفته من حيث الظهور والخفاء)))
ينقسم المنقطع من حيث ظهوره وعدم ظهوره إلى قسمين:
الأول: منقطع ظاهر الانقطاع، وهو: ما يرويه الراوي عمن عاصره بصيغة أداء صريحة في الانقطاع، أو عمن لم يعاصره، ممن عُلم عدم معاصرته له، بأي نوع من أنواع صيغ الأداء.
الثاني: منقطع خفي الانقطاع؛ وهو نوعان:
الأول: أن يرويه الراوي عمن عاصره معاصرة كافية معتبرة، ولم يسمع منه شيئاً، بصيغة أداء تحتمل اتصالاً وانقطاعاً، ويسمى عند المتأخرين الإرسال الخفي؛ وسماه بعض المتقدمين تدليساً.
الثاني: التدليس؛ ويأتي الكلام عليه مفصلاً؛ فله عقد هذا المبحث.
هذا وقد ورد ذكر صيغ الأداء هنا، دون بيان للمراد منها، ويأتي ذلك في موضعه.
(((التقسيم السابع: باعتبار تعمد الراوي وعدمه)))
ينقسم السقط الواقع في السند إلى متعمد وغيره، والمتعمد قسمان:
الأول: متعمد لا إيهام فيه، وهو الانقطاع الظاهر، ويسمى أيضاً الإرسال الظاهر، ومنهم من يقتصر في تسميته على لفظة الإرسال من غير تصريح بظهوره.
والثاني: متعمد فيه إيهام.
وهذا الثاني هو الأهم في معرفته وضبطه؛ وذلك لخفائه وصعوبة ضبطه؛ وهو قسمان أيضاً:
النوع الأول: الذي يكون الإيهام فيه غير مقصود من قبل الراوي الذي أسقط عمداً بعض من فوقه في السند.
والنوع الثاني: الذي يكون إيهامه مقصوداً من قِبَل الراوي المتعمِّد للإسقاط، وهذا النوع هو التدليس، دون ما سواه من أقسام السقط.
وأما السقْطُ غيرُ المتعمد، فهو الإسقاط الواقع على سبيل التوهم، ثم إن هذا القسم إما أن يكون مفهِماً الاتصالَ أو موهماً إيّاه؛ فالإفهام بسبب استعمال الصيغة الصريحة في السماع، مثل (حدثني) في موضع السقوط؛ والإيهام بسبب استعمال الصيغة المحتملة للسماع وعدمه، مثل (قال) و (عن)، أي في ذلك الموضع أيضاً؛ وقد يكون الانقطاع ظاهراً لعدم تعاصر الراويين اللذين سقطت الواسطة بينهما.
%%%%%%%%%%%%%
(2)
(((كيف يعلم الانقطاع في السند؟)))
يعرف اتصال الحديث وانقطاعه بدلالة واحد أو أكثر من ثلاثة أشياء:
الأول: صيغ الأداء.
الثاني: اتصاف الراوي بالتدليس أو بانتفائه عنه.
الثالث: التاريخ.
وفي المسألة التالية تفصيل ذلك.
%%%%%%%%%%%%%
(3)
(((صيغ الأداء)))
صيغ الأداء ثلاثة أنواع:
النوع الأول: صيغ دالة بذاتها على الاتصال.
النوع الثاني: صيغ دالة بذاتها على الانقطاع.
النوع الثالث: صيغ لا تدل بذاتها على اتصال ولا انقطاع، بل هي محتملةٌ الأمرين؛ وتسمى الصيغ المحتملة.
وإليك شرح هذه الأنواع الثلاثة:
%%%%%%%%%%%%%
(4)
(((الصيغ الدالة على الاتصال)))
وتسمى الصيغ الصريحة في السماع، مثل (سمعت، قال لي، حدثني، أخبرني، قرأت عليه، قرىء عليه وأنا أسمع)؛ وهي كما تقدم تدل بنفسها على السماع؛ هذا هو الأصل فيها إذا استعملها الثقات من الرواة.
ولكن ينبغي الحذر عند ورود هذه الصيغ من ثلاثة أمور محتملة، وإن كانت خلاف الأصل والغالب؛ وإليك بيان تلك الاحتمالات:
%%%%%%%%%%%%%
(5)
(((الاحتمال الأول في صيغ الأداء الصريحةفي الاتصال)))
عدم ثبوت هذه الصيغة عن قائلها؛ ولذلك ثلاث صور:
الصورة الأولى:
عدم ثبوت الإسناد إلى صاحب الصيغة، وأعني به الراوي المصرح بالسماع؛ وذلك أن يكون في الإسناد دونه علة ظاهرة كالانقطاع، أو ضعفِ بعض الرواة.
الصورة الثانية:
شذوذ الإسناد إلى صاحب الصيغة؛ بأن يخالف بعض رواة تلك القطعة من الإسناد، من هو أوثق منه، بسبب زيادة في الثقة أو في العدد، فيأتي الراوي بها صريحة، في حين يأتي الأوثق بالصيغة المحتملة؛ وقد رد أهل العلم التصريح بالسماع في بعض الأسانيد القوية؛ كما في بعض الأمثلة الآتية بعد قليل.
الصورة الثالثة:
¥