ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[08 - 11 - 05, 02:25 م]ـ
الحلقة السادسة
******
(51)
(((الفوائد)))
جمع فائدة، وهي الحديث الذي يرى المحدث أنه لا يوجد إلا عنده، أو يرى أنه يغرب به على أقرانه، أو على من يلقاهم من المحدثين، أو على أهل بلده، أو على أهل عصره، وقد جمع كثير من الحفاظ فوائدهم في كتب أو أجزاء سميت بهذا الاسم مثل (فوائد أبي بكر الشافعي) و (فوائد تمام الرازي).
وأكثر الفوائد لا تصح إما من جهة إسنادها أو من جهة متنها؛ وينبغي التثبت في قبولها، لأنها نوع من أنواع الأحاديث الغريبة.
ولإدخال الحديث في كتاب من هذا النوع دلالة نقدية مهمة؛ قال المعلمي في تعليقه على (الفوائد المجموعة) (ص482): (وإخراجه هذا الخبر في فوائده معناه أنه كان يرى أنه لا يوجد عند غيره، فإن هذا معنى الفوائد في اصطلاحهم)؛ جاء هذا في تخريج مطول لبعض أحاديث الكتاب؛ وهو حديث (ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه أنواعاً من البلاء: الجنون، والجذام، والبرص؛ فإذا بلغ خمسين----) الحديث؛ وقد قال الشوكاني في تخريجه: (وله طرق كثيرة أوردها ابن حجر بعضها رجاله [رجال] الصحيح؛ وقد نقل كلامه صاحب اللآلىء، وأطال البحث؛ وقد أوردت كثيراً من طرق الحديث في رسالتي التي سميتها (زهر النسرين الفائح بفضائل المعمرين)؛ فقال المعلمي: (ليس من تلك الروايات، ما هو بهذه الصفة، وأشبهها رواية ابن الأخشيد، وستأتي.
واعلم أن هذا الخبر يتضمن معذرة وفضيلة للمسنين، وإن كانوا مفرطين أو مسرفين على أنفسهم، فمن ثَمَّ أولع به الناس، يحتاج إليه الرجل ليعتذر عن نفسه، أو عمن يتقرب إليه، فإما أن يقويه، وإما أن يركب له إسناداً جديداً، أو يلقنه من يقبل التلقين، أو يدخله على غير ضابط من الصادقين، أو يدلسه عن الكذابين، أو على الأقل يرويه عنهم ساكتاً عن بيان حاله.
فأشبه طرقه ما في (اللآلىء) (1/ 75): (قال إسماعيل بن الفضل الأخشيد في (فوائده): ثنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، ثنا أبو بكر بن المقري، حدثنا أبو عروبة الحراني، حدثنا مخلد بن مالك، حدثنا الصنعاني ـ هو حفص بن ميسرة ـ به) يعني: عن زيد بن أسلم، عن أنس، فذكره مرفوعاً.
إسماعيل مقرىء مسند معروف؛ توفي سنة 524، ذكره ابن الجزري في (طبقات القراء)؛ وصاحب (الشذرات)، ولم يذكرا أن أحداً وثقه، وقيد الذهبي وفاته في (التذكرة)، في ترجمة غيره.
وإخراجه هذا الخبر في (فوائده)، معناه أنه كان يرى أنه لا يوجد عند غيره، فإن هذا معنى الفوائد في اصطلاحهم.
وشيخه أبو طاهر لم أجد له ترجمة.
وابن المقري، حافظ ثقة مشهور، له أيضاً كتاب جمع فيه فوائده؛ ورواه عنه جماعة من الحفاظ، والظاهر أن هذا الخبر ليس فيها، وإلا لكان اشتهر وانتشر، ولم يكن من فوائد ابن الأخشيد؛ [قلت: هذه فائدة أيضاً].
وأبو عروبة حافظ ثقة مشهور.
وشيخه هو مخلد بن مالك بن شيبان الحراني، له ترجمة في (تهذيب التهذيب) (10/ 76) فيها: (قال أبو حاتم: شيخ؛ وقال أبو زرعة: لا بأس به؛ وذكره ابن حبان في (الثقات).).
والظاهر أنهم لم يطلعوا على روايته هذا الخبر، وإلا لكان لهم وله شأن آخر؛ [قلت: وهذه فائدة أيضاً].
ثم ذكر في (التهذيب): أن ابن عدي ذكر حديثاً تفرد به مخلد هذا عن عطاف، قال ابن عدي: (وهو منكر، سمعت ابن أبي معشر (هو أبو عروبة) يقول: كتبنا عن مخلد كتاب عطاف قديماً ولم يكن فيه هذا)؛ قال ابن حجر: كأنه أومى إلى أن مخلداً لين هذا الحديث) [قال المعلمي: كذا، وكلمة (هذا) من زيادة الناسخ]؛ وهذه أيضاً حال حديثنا هذا؛ فإنه منكر ولم يكن في أصل مخلد من كتاب زيد وإلا لسمعه منه أبو حاتم وأبو زرعة وغيرهما.
هذا إن صح أن مخلداً رواه.
ثم هو متفرد به عن حفص؛ فأما ما قيل: إن ابن وهب رواه عن حفص فسيأتي بيان حاله.
وأحاديث حفص بن ميسرة المعروفة مجموعة في نسخة معروفة كانت عند جماعة، ولم يدرك مسلم منهم إلا سويد بن سعيد، فاحتاج إلى روايته عنه مع ما فيه من الكلام؛ ولما عوتب في روايته عنه في الصحيح قال: (فمن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة؟!).
ومن الواضح أن هذا الخبر لم يكن فيها وإلا لاشتهر وانتشر؛ [وهذه فائدة أخرى].
¥