قل الكلام في التابعين تعديلاً وتجريحاً؛ ولهذا كثيراً ما اضطر النقاد في الكلام على التابعي إلى الاعتماد على النظر في أحاديثه مقتصرين على ذلك وحده، لعدم سواه مما يعضده؛ سوى الأصول البعيدة من مثل كون الأغلب على أهل ذلك القرن الخير والصلاح والصدق؛ ولذلك ترى طائفة قليلة من النقاد تساهلوا في نقدهم مجاهيل التابعين تساهلاً بيناً فجعلوا الأصل فيهم التوثيق وهم لا يخرجون عنه إلا بدليل واضح جداً، ووقع شيء من هذا في حق جماعة من أتباع التابعين؛ وهذا بخلاف من بعد هذين القرنين من الرواة؛ وسيأتي لهذا الأمر تفصيل وتمثيل ولكن في غير هذا الموضع؛ فانتظر.
******
(58)
(((الإدخال)))
الإدخال هو أن يقوم بعض الكذابين المزورين بكتابة بعض الأحاديث ملحقاً إياها بأصل بعض الشيوخ على سبيل المحاكاة والتزوير، ولا شك أن ذلك لا ينطلي إلا على الضعفاء المغفلين أو المختلطين، أو من كان ضريراً أو ضعيف البصر أو على ثقة متساهل قديم العهد بكتابه حسن الظن بمن أدخل عليه.
هذا وإني لأظن أن غير واحد من المتقدمين كان ربما أطلق على التلقين اسم الإدخال؛ وسيأتي شرح معنى التلقين وهو الفائدة التالية.
وأما حكم الإدخال؛ فالمدخِل مبطل كذاب؛ وأما المدخَل عليه ففي الحكم عليه تفصيل، وهو أن من كان صحيح الأصل ثم أدخلت عليه بعض الأحاديث فرواياته ضعيفة ساقطة إلا ما رواه عنه الحفاظ الأثبات العارفون بالحديث وبعلله الذين يقفون على أصله وينتقون منه، قال المعلمي في التعليق على (الفوائد المجموعة) (ص244): (عبد الله بن صالح أدخلت عليه أحاديث عديدة فلا اعتداد إلا بما رواه المتثبتون عنه بعد اطلاعهم عليه [أي على ما رووه عنه] في أصله الذي لا ريب فيه، وعلى هذا حُمل ما علقه عنه البخاري).
******
(59)
(((التلقين)))
التلقين: أن يقرأ الراوي من كتاب عنده أو من حفظه - وهو متعمد في الغالب - على الشيخ حديثاً ليس من حديثه على أنه من حديثه فيقره الشيخ ويحدثه به، إما بسبب نسيانه ووهمه، أو بسبب غفلته وسوء حفظه وحسن ظنه بذلك التلميذ، أو بسبب تلاعبه وتساهله، أو بسبب ميله إلى الكذب ورغبته فيه وعدم تحرجه منه؛ وهم يقولون في مثل هذا: (كان يلَقّن فيتَلَقن)، وقد يكتفون بكلمة (كان يلقَّن) أو (كان يتلقن).
ومن كان يلقَّن أحياناً قليلة فيتلقن فلعله يصلح للاعتبار به، كشأن الضعيف السيء الحفظ، وذلك لأن الغالب فيه عدم ذلك التلقين؛ قال النسائي في سماك بن حرب كما في (تهذيب التهذيب) (4/ 234): (كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن).
فائدة: قال المعلمي في (التنكيل) (ص438): (التلقين القادح في الملقِّن هو أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كان إنما فعل ذلك امتحاناً للشيخ وبين ذلك في المجلس لم يضره؛ وأما الشيخ فإن قبل التلقين وكثر منه ذلك فإنه يسقط----).
******
(60)
(((أعرف الناس بالرجال)))
يؤخذ من كلام أهل العلم أن أعرف الناس بالمدنيين مالك وبالشاميين ابو مسهر الدمشقي وبالكوفيين ابن نمير وبالبصريين شعبة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني وبالبغداديين خاصة وبأهل العراق عامة احمد بن حنبل ويحيى بن معين وبالرازيين الرازيان ابو زرعة وابو حاتم وبالمصريين ابن يونس.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[09 - 11 - 05, 09:17 ص]ـ
(61)
معنى قولهم في الحديث (آفته فلان)
يستعمل المحدثون هذه الكلمة لتعيين من يكون الحمل عليه في حديث موضوع أو باطل أو منكر، فإن بيّن ذلك الناقد في ذلك السياق أو في غيره مرتبة ذلك الحديث المردود تعيَّن معنى قوله فيه (آفته فلان)، وإلا فالكلمة محتملة أن يكون معناها آفته في وضعه أو آفته في بطلانه أو آفته في نكارته.
(62)
معنى قولهم في الراوي (هو أحب إلي من فلان)
إذا قال الناقد: (فلان أحب إلي من فلان) فليس هذا بجرح يوجب إدخال الثاني في الضعفاء، ولكن إن كان الأول ضعيفاً كان دخول الثاني في الضعفاء من باب أولى، ولكنهم يندر أن يقولوا فيمن ينزل عن درجة الصلاحية للاستشهاد: (هو أحب إلي من فلان)، وإن كان هذا الثاني أضعف منه.
(63)
معنى قولهم (احتج به الجماعة)
أي أخرج له أصحاب الكتب الستة في الأصول من تلك الكتب، لا في المتابعات والشواهد.
(64)
معنى قولهم (أخرجاه)
أي أخرجه البخاري ومسلم.
¥