تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عرفهم صلى الله عليه وسلم من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها وما يتحرزون به من كيده ومكره وما يدفعون به شره ما لا مزيد عليه؛ وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه إلى سواه؛ وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة.

وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه؛ فكيف يظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة أكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها؟

ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده؛ وسبب هذا كله خفاء ما جاء به على من ظن ذلك وقلة نصيبه من الفهم الذي وفق الله له أصحاب نبيه الذين اكتفوا بما جاء به واستغنوا به عما ما سواه وفتحوا به القلوب والبلاد، وقالوا: هذا عهد نبينا إلينا وهو عهدنا إليكم؛ وقد كان عمر رضي الله عنه يمنع من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية أن يشتغل الناس به عن القرآن؛ فكيف لو رأى اشتغال الناس بآرائهم وزبد أفكارهم وزبالة أذهانهم عن القرآن والحديث؟! فالله المستعان؛ وقد قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت 51]؛ وقال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل 89]؛ وقال تعالى: (} يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) [يونس 57].

وكيف يشفى ما في الصدور كتاب لا يفي هو ما تبينه السنة بعشر معشار الشريعة؟! أم كيف يشفي ما في الصدور كتاب لا يستفاد منه اليقين في مسألة واحدة من مسائل معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله؟! أو عامتها ظواهر لفظية دلالتها موقوفة على انتفاء عشرة أمور لا يعلم انتفاؤها؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.

ويا لله العجب كيف كان الصحابة والتابعون قبل وضع هذه القوانين التي أتى الله بنيانها من القواعد؟! وقبل استخراج هذه الآراء والمقاييس والأوضاع؟! أهل كانوا مهتدين مكتفين بالنصوص أم كانوا على خلاف ذلك حتى جاء المتأخرون فكانوا أعلم منهم وأهدى وأضبط للشريعة منهم وأعلم بالله وأسمائه وصفاته وما يجب له وما يمتنع عليه منهم؟! فوالله لأن يلقى اللهَ عبدُه بكل ذنب ما خلا الإشراك خير من أن يلقاه بهذا الظن الفاسد والاعتقاد الباطل).

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

(113)

معنى (لا أصل له)

هذه اللفظة يقتصر المتأخرون في استعمالها على إطلاقها على الأحاديث التي لم صرح كبار الحفاظ المطلعين بأنهم لم يقفوا لها على إسناد أصلاً، وأما المتقدمون فيطلقون هذا الإسم على هذا النوع من الأحاديث وعلى كل حديث لم يرد إلا بإسناد مختلق أو واه ساقط.

ثم إن أحاديث هذا القسم تحتمل أن تكون في أول أمرها رويت بأسانيدها ثم بلغت المتأخرين متونها دون أسانيدها؛ وتحتمل أيضا ان تكون رويت بلا أسانيد ابتداء.

وروى الإمام أحمد في مسنده حديثاً وصفه خارج المسند بأنه من الأحاديث التي لا أصل لها، وبسبب روايته له في مسنده شك في صحة هذا النقد عنه – أو نفاها – الزركشي في (التذكرة) (ص32) والعراقي في (تخريج الأحياء) (4/ 210) وفي (التقييد والإيضاح) (ص263) والبلقيني في (محاسن الاصطلاح) (ص391).

ولكن قال الزبيدي في (شرحه للإحياء) (10/ 302 - 303): (وجدت بخط الحافظ نقلاً عن خط ابن رجب الحنبلي ما نصه: وردُّ ذلك عن أحمد بمجرد روايته له في مسنده فيه نظر، فكم من حديث قال فيه أحمد: (لا يصح)، وقد أخرجه في مسنده؛ ومِنْ كتب [لعلها ومن طالع كتب] العلل لعبد الله بن أحمد والأثرم والخلال عُلم صحة هذا. انتهى. وبخط الحافظ أيضا: الصحيح عن أحمد أنه أنكر حديث (لو صدق السائل ما أفلح من رده)، كذا نقل عنه مهنا. انتهى كلام الزبيدي).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير