تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[15 - 11 - 05, 02:13 م]ـ

الحلقة (12)

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

(111 - 120)

(111)

ما يجب على الراوي والمفتي والحاكم والشاهد؛ وما هي عقوبة من كتم أو كذب منهم؟

قال ابن القيم في (إعلام الموقعين) (4/ 426 - 427) دار الحديث بالقاهرة:

(حكم الله ورسوله يظهر على أربعة ألسنة: لسان الراوي، ولسان المفتي، ولسان الحاكم، ولسان الشاهد، فالرواي يظهر على لسانه لفظ حكم الله ورسوله؛ والمفتي يظهر على لسانه معناه وما استنبطه من لفظه؛ والحاكم يظهر على لسانه الإخبار بحكم الله وتنفيذه؛ والشاهد يظهر على لسانه الإخبار بالسبب الذي يثبت حكم الشارع.

والواجب على هؤلاء الأربعة أن يخبروا بالصدق المستند إلى العلم فيكونون عالمين بما يخبرون به صادقين في الإخبار به؛ وآفة أحدهم الكذب والكتمان؛ فمتى كتم الحق أو كذب فيه فقد حادَّ الله في شرعه ودينه؛ وقد أجرى الله سنته أن يمحق عليه بركة علمه ودينه ودنياه إذا فعل ذلك كما أجرى عادته سبحانه في المتبايعين إذا كتما وكذبا أن يمحق بركة بيعهما.

ومن التزم الصدق والبيان منهم في مرتبته بورك له في علمه ووقته ودينه ودنياه؛ وكان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً؛ ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.

فبالكتمان يعزل الحق عن سلطانه؛ وبالكذب يقلبه عن وجهه؛ والجزاء من جنس العمل؛ فجزاء أحدهم أن يعزله الله عن سلطان المهابة والكرامة والمحبة والتعظيم الذي يلبسه أهل الصدق والبيان، ويلبسه ثوب الهوان والمقت والخزي بين عباده؛ فإذا كان يوم القيامة جازى الله سبحانه من يشاء من الكاذبين الكاتمين بطمس الوجوه وردها على أدبارها كما طمسوا وجه الحق وقلبوه عن وجهه جزاءً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد).

(112)

بيان النبي صلى الله عليه وسلم لكل شيء

قال ابن القيم في (إعلام الموقعين) (4/ 572):

(وتقسيم بعضهم طرق الحكم إلى شريعة وسياسة، كتقسيم غيرهم الدين إلى شريعة وحقيقة، وكتقسيم آخرين الدين إلى عقل ونقل؛ وكل ذلك تقسيم باطل؛ بل السياسة والحقيقة والطريقة والعقل، كل ذلك ينقسم إلى قسمين: صحيح، وفاسد.

فالصحيح [أي من كل واحد من الأربعة المذكورة] قسم من أقسام الشريعة لا قسيم لها؛ والباطل ضدها ومنافيها.

وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبني على حرف واحد، وهو عموم رسالته صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يحوج أمته إلى أحد بعده؛ وإنما حاجتهم إلى من يبلغهم عنه ما جاء به.

فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص:

عموم بالنسبة إلى المرسل إليهم؛ وعموم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه من بُعث إليه في أصول الدين وفروعه.

فرسالته كافية شافية عامة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا؛ فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به.

وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علماً، وعلمهم كل شئ حتى آداب التخلي وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود والأكل والشرب والركوب والنزول والسفر والإقامة والصمت والكلام والعزلة والخلطة والغنى والفقر والصحة والمرض وجميع أحكام الحياة والموت؛ ووصف لهم العرش والكرسي والملائكة والجن والنار والجنة ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأي عين؛ وعرَّفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله؛ وعرَّفهم الأنبياء وأممهم وما جرى لهم وما جرى عليهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم؛ وعرَّفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرّفه نبي لأمته قبله؛ وعرفهم صلى الله عليه وسلم من أحوال الموت وما يكون بعده في البرزخ وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم يعرِّف به نبي غيره؛ وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق أهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من بعده اللهم إلا إلى من يبلغه إياه ويبينه ويوضح منه ما خفي عليه؛ وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبداً؛ وكذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير