تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن آدابها أيضاً: أن على كاتب التسميع التحري في ذلك والاحتياط وبيان السامع والمسمِّع والمسموع بلفظ غير محتمل، ومجانبة التساهل فيمن يثبته، والحذر من إسقاط بعض السامعين لغرض فاسد، فإن ذلك مما يؤديه إلى عدم انتفاعه بما سمع.

فإن لم يحضر مثْبِتُ السماع – أي كاتبه - ما سمعَ، كأن يتأخر عن أول المجلس، فله أن يعتمد في إثباته حضورهم على خبر ثقة حضر ذلك.

ومنها أيضاً أن من ثبت في كتابه سماعُ غيره فقبيح به كتمانُه إياه ومنعُه نقل سماعه منه أو نسخ الكتاب.

تنبيه: جمع السماع أسمعة، وجمع الطبقة طباق.

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

(115)

أهمية الأصل عند المحدثين

لقد كان للأصل عند طبقات من المحدثين شأن كبير، قال العلامة المعلمي في (التنكيل) (ص407 - 408):

(واعلم أن المتقدمين كانوا يعتمدون على الحفظ، فكان النفاد يعتمدون في النقد عدالة الراوي واستقامة حديثه، فمن ظهرت عدالته وكان حديثه مستقيماً وثقوه، ثم صاروا يعتمدون الكتابة عند السماع، فكان النقاد إذا استنكروا شيئاً من حديث الراوي طالبوه بالأصل ثم بالغوا في الاعتماد على الكتابة وتقييد السماع، فشدد النقاد، فكان أكثرهم لا يسمعون من الشيخ حتى يشاهدوا اصله القديم الموثوق به المقيد سماعه فيه، فإذا لم يكن للشيخ أصل لم يعتمدوا عليه، وربما صرح بعضهم بتضعيفه؛ فإذا ادعى السماع ممن يستبعدون سماعه منه كان الأمر أشد.

ولا شك أن في هذه الحالة الثالثة احتياطاً بالغاً لكن إذا عرفت عدالة الرجل وضبطه وصدقه في كلامه وادعى سماعاً محتملاً ممكناً ولم يبرز به أصلاً، واعتذر بعذر محتمل قريب ولم يأت بما ينكر فبأي حجة يرد خبره؟).

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

(116)

الاضطراب وأحكامه

الاضطراب هو أن يروي راو واحد أو عدد من الرواة حديثاً على أوجه متباينة مختلفة لا يتجه الجمع بينها؛ وأكثر ما يقع ذلك من ضعفاء الرواة وسيئي الحفظ منهم، والراوي إذا كثر منه الاضطراب في أحاديثه ضعف بسبب ذلك.

هذا معنى الاضطراب عند المتقدمين من المحدثين؛ ولكن المتأخرين قصروا هذا المصطلح على ما يرويه الراوي أو الرواة من وجهين أو أوجه متقاربة في القوة تقارباً يمنع من الترجيح ومختلفة في السند أو المتن اختلافاً يمنع من الجمع.

وقال ابن حجر في (النكت) (2/ 773): (لأن الاضطراب هو الاختلاف الذي يؤثر قدحاً؛ واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك، لأنه إن كان ذلك الرجل ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك).

وإذا روى عدد من الرواة حديثاً مضطرباً عن شيخ لهم فهل الحمل في هذا الاضطراب يكون عليه أو عليهم؟

التحقيق في هذه المسألة أن الاضطراب يحكم به على الأقل ضبطاً من الطرفين؛ فإن كان الشيخ أوثق منهم فالاضطراب منهم، وإن كانوا أوثق فالاضطراب منه. وأما إن تفاوت أولئك الرواة عن ذلك الشيخ في قوتهم في الرواية فليس حديثهم من باب المضطرب، وإنما هو من باب الشاذ – أو المنكر – والمحفوظ.

وهكذا يقال فيما لو انفرد راو عن شيخ بحديث رواه عنه على أوجه متعددة مضطربة فإن الحمل فيه على أضعفهما، فإن تساويا فالحمل فيه على المتأخر منهما؛ فذلك هو الأقرب؛ والله أعلم.

ومما يحسن لفت الأنظار إليه في هذا الموضع هو أن الاضطراب أكثر ما يقع في حديث الضعفاء والمتروكين، [وقد كثر في كلام كثير من قدماء النقاد وصفهم الراوي الضعيف بقولهم: (مضطرب الحديث)]، وأما الاضطراب في حديث الثقات فقليل نادر، والباحث البارع لن يعدم قدرة على الترجيح بين أحاديث الثقات إذا ما اختلفت؛ ولذا فإنه لمن النادر الذي يقل وقوعه جداً أن تجد حديثاً ورد بأسانيد صحيحة ورده علماء الحديث لاضطراب راويه أو رواته ولعدم قدرتهم على الترجيح بين تلك الروايات.

وقال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (2/ 216) في حديث النهي عن صوم السبت في غير الفرض ما نصه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير