وقال (ص185) عقب ذكره بعض تلك المقدمات: «لكننا نقف مع إمامين من أئمة القرن الرابع، هما الرامهرمزي وأبو عبد الله الحاكم، لأن لهما كتابين منفردين جامعين رائدين في علم الحديث.
أما الكتاب الأول: فهو (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) للرامهرمزي (ت360هـ)، وهو كتاب جليل عظيم النفع، جمع مادة ضخمة متنوعة في فنون الرواية وآدابها، غير أن هذا الكتاب في باب أقسام الحديث وشرح مصطلحاته فقير، حيث لم يكن ذلك من أغراض مصنفه، فقد صنفه الرامهرمزي رداً على من وضع من شأن أهل الحديث، فأراد أن يبين له فضائل علمهم، ومحاسن آداب حملته، وصنفه أيضاً لطلاب الحديث في زمانه، حثاً لهم على التحلي بتلك الآداب، لنيل تيك الفضائل؛ ثم يذَكِّر محدثي عصره بأن لا يأتوا ما شُنِّع عليهم بسببه، من إفناء الأعمار في تتبع الطرق وتكثير الأسانيد دون فائدة، وتطلب شواذ المتون، من غير أن يطلبوا أبواب العلم النافعة الأخرى (7).
ومع جليل قدر كتاب الرامهرمزي وعظيم نفعه، إلا أننا ونحن نؤرخ لمصطلح الحديث، لن نجد فيه مادة واسعة للكلام عنها؛ غير أن الكتاب في أبوابه الأخرى معتمد الإعتماد كله على كلام أئمة النقد من أئمة الحديث في القرن الثالث الهجري، ليبين بذلك منهجه في مسائل علوم الحديث، وهو تقريرها على ما كان عليه أهل الإصطلاح >>.
طبع المحدث الفاصل بتحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب.
9ـ شرائط الأخبار للإمام ابن حبان (ت354). انظر كتاب المجروحين له (1/ 192 - طبعة حلب).
10ـ وصف المعدِّل والمعدَّل لابن حبان أيضاً، ولعله والذي قبله كتاب واحد.
11ـ الفصل بين حدثنا وأخبرنا، له أيضاً. انظر هدية العارفين (2/ 45).
12ـ سنن التحديث للحافظ صالح بن أحمد بن محمد التميمي الهمداني (303 - 384).
صالح هذا ترجمه الذهبي في (تذكرة الحفاظ) (3/ 985 - 986) فقال: «صالح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح بن عبد الله بن قيس بن هذيل بن يزيد بن العباس بن الأحنف بن قيس الحافظ الكثير الصدق [لعلها الكبير الصدوق] المعمر أبو الفضل التميمي الهمذاني السمسار».
وترجمه في العبر ج2ص164 فقال عقب ذكره اسمه: «ويعرف أيضاً بابن الكوملاذ، محدث همذان، روى عن عبد الرحمن بن أبي حاتم وطبقته؛ وهو الذي لما أملى الحديث باع طاحوناً له بسبعمئة دينار ونثرها على المحدثين. قال شيرويه: كان ركناً من أركان الحديث ديّناً ورعاً، لا يخاف في الله لومة لائم، وله عدة مصنفات».
وقال فيه الخطيب في تأريخه 9/ 331: «كان حافظاً فهماً ثقة ثبتاً، صنف كتاباً في طبقات الهمذانيين، وكتاباً في سنن التحديث»؛ قال الدكتور أكرم ضياء العمري في (موارد الخطيب) ص267: «وهما مفقودان».
قلت: ولعل (سنن التحديث) هذا هو الذي اقتبس منه الخطيب في (22) موضعاً من (الكفاية)، وسبعة مواضع من (الفقيه والمتفقه)، وستة مواضع من (شرف أصحاب الحديث)، أو في معظم هذه المواضع (8).
13ـ الوجازة في صحة القول بالإجازة، للوليد بن بكر السرقسطي (ت392).
انظر الإلماع للقاضي عياض (ص88 و 128) وفهرست ابن خير (ص260) وفهرس الفهارس للكتاني (2/ 1123).
14ـ أدب المحدث والمحدَّث لعبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد الأزدي (332 - 409).
انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (ص502) ونكت ابن حجر على ابن الصلاح (2/ 632).
وعبد الغني بن سعيد أحد جهابذة الحديث وكبار حفاظه قال فيه الذهبي: «الحافظ الإمام المتقن النسابة أبو محمد الازدي المصري مفيد تلك الناحية؛ قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئاً من العلم؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شاباً بمصر يقال له عبد الغني كأنه شعلة نار، وجعل يفخم أمره ويرفع ذكره» (9).
15ـ شروط الأئمة للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن اسحاق بن محمد بن يحيى بن منده (310 - 395) (10).
¥