تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا أصعب هذه المطالب السبعة، بل هو متعذر على الباحث الواحد أو شبه متعذر، ولكن هذا هو موضع المثل الشهير (ما لا يدرك كله لا يترك جله)؛ بل شأن العلم أكثر من ذلك وأوسع من معنى هذا المثل؛ فمن الحكمة أن يقال في حق أي باب من أبواب العلم: (إذا لم يدرك كله فليؤخذ منه ما أدرِك).

وأما من حيث ترتيب مواد هذا الكتاب فقد جعلته على أبواب:

الباب الأول: فيه تعريف مختصر بابن حجر وكتابه تقريب التهذيب، وهو كالمدخل إلى بقية الأبواب.

الباب الثاني: في بيان محاسن النقد عند ابن حجر.

الباب الثالث: في ما يؤخذ على ابن حجر في نقده الرواة وأحاديثها.

الباب الرابع: في الاجتهاد والتقليد عند ابن حجر.

الباب الخامس: في نقد كتاب تحرير التقريب.

الباب السادس: في مصطلحات الجرح والتعديل التي استعملها ابن حجر في (تقريب التهذيب).

وإليك تلك الأبواب.

الباب الأول

تعريف موجز بابن حجر وكتابه التقريب

ابن حجر أشهر من أن يترجم له في مثل هذا الكتاب المختصر ومناقبه أظهر من أن يشار إليها فيه أو أن تذكر، ولكني مع ذلك لا أرى بأساً من تزيين صدر هذا الفصل بذكر شيء من منزلته في العلم ولا سيما علم الحديث وأخص من أبوابه باب نقد الأحاديث ورواتها فإنه موضوع بحثنا، فأقول: ابن حجر هو الحافظ الذي لم يخرج للناس بعد الذهبي والى هذا اليوم من يدانيه – فضلاً عمن يساويه - في مجموع ما عنده من سعة الحفظ والمعرفة بنقد الحديث ورجاله والوقوف على علله وأحواله، والتوسع في جمع طرقه وحسن المشاركة في جميع علوم الدين مع الفقه والفهم والبلاغة والتثبت والتحقيق والتدقيق وجودة النقل عمن تقدمه والقدرة الفائقة على التلخيص والتهذيب وسائر فنون التأليف، فإنه - كما وصفه الحافظ السيوطي في (نظم العقيان) (ص45) –: «فريد زمانه وحامل لواء السنة في أوانه، ذهبي (ذلك) العصر ونضاره، وجوهره الذي ثبت به على كثير من الأعصار فخاره، إمام هذا الفن للمقتدين، ومقدّم عساكر المحدثين، وعمدة الوجود في التوهية والتصحيح، وأعظم الشهود والحكام في بابي التعديل والتجريح، شهد له بالانفراد – خصوصاً في شرح البخاري – كل مسلم، وقضى له كل حاكم بأنه المعلم، له الحفظ الواسع الذي اذا وصفته فحدِّثْ عن البحر ابن حجر ولا حرج، والنقد الذي ضاهى به ابنَ معين فلا يمشي عليه بهرجٌ هرج، والتصانيف التي ما شبهتها الا بالكنوز والمطالب، فمن ثَم قُيض لها موانع تحول بينها وبين كل طالب، جمّل الله به هذا الزمان الأخير، وأحيا به وبشيخه سنة الاملاء بعد انقطاعه من دهر كثير 000». انتهى

ولهذه الأسباب وغيرها نال هذا الحافظ الكبير وطائفة من كتبه شهرة عجيبة، ومن هذه الطائفة (فتح الباري) و (تهذيب التهذيب) و (تقريب التهذيب) و (لسان الميزان) و (الإصابة في تمييز الصحابة) و (النكت على كتاب ابن الصلاح) و (تعجيل المنفعة) و (تغليق التعليق).

ومن أكثر هذه الكتب في رجوع المشتغلين بالحديث إليها وشدة تعويلهم عليها كتابه المحرر الوجيز (تقريب التهذيب).

فرغ ابن حجر من تأليفه هذا الكتاب سنة (827) هـ، لكنه ظل يعاود النظر فيه: يزيد فيه وينقص، ويوضح ويعدل إلى قريب من وفاته بسنتين، كما هو واضح من تواريخ الإلحاقات والإضافات التي دونها على النسخة التي كتبها بخطه من (التقريب) فكان ما دونه في هذا الكتاب خلاصة مركزة لما انتهى إليه من رأي واجتهاد وحكم في الرجال المذكورين فيه. انظر مقدمة محمد عوامة لطبعته أو مقدمة صاحبي (تحرير التقريب) لطبعتهما.

ومما ساعد على اشتهار هذا الكتاب وتكاثر اعتماد الناس عليه – بالإضافة إلى ما تقدم ذكره - أمور:

منها اضطرار الناس ـ إلا أفراداً منهم ـ بعد ابن حجر إلى التقليد في هذا الفن، والتقليد يوجب على أهله الاعتماد على المختصرات.

ومنها شدة اختصار (التقريب)، ووفور علمه.

ومنها الحكم على جميع رجال الكتاب؛ ولا أدري الآن هل ندر عن هذا الأصل أحد منهم أو لا؛ وقد قال ابن حجر في (خطبة التقريب): (---وهي أنني أحكم على (((كل شخص منهم))) بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به).

ومنها كمال ترتيبه وتهذيبه.

ومنها تقسيم جميع رجال الكتاب إلى طبقات زمنية واضحة ومراتب نقدية معينة ثابتة.

ومنها أنه مؤلف في رجال أشهر كتب الحديث عند المسلمين.

ومنها أنه لم يؤلَّف قبله في بابه من المختصرات ما يدانيه في مجموع محاسنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير