تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن تساهل ابن حجر في النقد أنه كثير الإحجام عن وصف الحديث الموضوع بأنه موضوع أو عن وصف راويه بالكذب، فإنه كان يتوقف عن الحكم بالوضع على كثير من الأحاديث الموضوعة، ويكتفي بالحكم عليها بالضعف أو الضعف الشديد، ومن راجع كتبه قي التخريج وكتابه القول المسدد وتعليقات المعلمي اليماني على (الفوائد المجموعة) للشوكاني بان له ذلك جلياً. وانظر تعليق المعلمي على (الفوائد المجموعة) (ص172و362 - 363و430) (26).

وقال صاحب (المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير) (ص10): «والحافظ وشيخه العراقي متساهلان في الحكم للحديث، ولا يكادان يصرحان بوضع حديث إلا إذا كان كالشمس في رابعة النهار».

قلت: هذا صحيح بشرط تقييد كلمة (الحديث) في الموضع الأول بالموضوع. وقد قال ابن حجر في (القول المسدد) (ص28): «ولا يجوز الإقدام على الحكم بالوضع قبل التأمل والتدبر».

وقال السخاوي في (شرح تقريب النووي) كما في (تنزيه الشريعة) لابن عراق (1/ 10): «بل مجرد اتهام الراوي بالكذب مع تفرده لا يُسَوِّغ الحكم بالوضع ولذا جعله شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر) نوعاً مستقلاً وسماه (المتروك) وفسره بأن يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة».

أقول: هذا تساهل ظاهر في نقد الأحاديث الموضوعة؛ والحد الذي ذكره إنما يليق بالموضوع من الحديث لا بالمتروك منه؛ قال المعلمي في تعليقاته على (الفوائد المجموعة) (ص314): «والمتروك إن لم يكذب عمداً فهو مظنة أن يقع له الكذب وهماً، فإذا قامت الحجة على بطلان المتن لم يمتنع الحكم بوضعه ولا سيما مع التفرد المريب».

وقال فيها (ص470) في راو متروك: «ومثله إذا جاء بالمنكر الشديد الإنكار اتجه الحكم بوضعه».

وقال فيها (ص411) ما مفاده أن الخبر المنكر الشديد الإنكار وفي سنده راو ضعيف لا يتعمد الكذب وبقية السند ثقات قد يحكم عليه بالوضع، ولا يلزم من ذلك الحكم اتهام الضعيف بوضعه، وإنما وضعه غيره وأدخله عليه أو سمعه بسند آخر هالك فغلط فرواه بهذا السند؛ وانظر مقدمته على (الفوائد المجموعة).

قال السيوطي في (تدريب الراوي) (1/ 177): «وأما الضعيف لفسق الراوي أو كذبه فلا يؤثر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر، نعم يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكراً أو لا أصل له، صرح به شيخ الإسلام [يعني ابن حجر]؛ قال: بل ربما كثرت الطرق حتى أوصلته إلى درجة المستور السيء الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن».

فعبارة ابن حجر هذه التي حكاها عنه السيوطي دالة على تساهل ابن حجر في تقوية الأحاديث الواهية، بمجموع الطرق، أحياناً.

ومن الكتب التي تسَهَّل فيها ابن حجر في الدفاع عن بعض الأحاديث الموضوعة والساقطة كتابه (القول المسدد في الذب عن المسند)، وكأنه أشار إلى رضاه بذلك التساهل وإلى اختياره له، إذ قال في خطبته: «أما بعد، فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة، وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمام أهل الحديث في القديم والحديث، والمطلع على خفاياه المثير لخباياه، عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة، وحمية للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية، بل هي ذب عن هذا المصنف العظيم الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم وجعله إمامهم حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه 000». كذا قال رحمه الله، وهو تصريح غريب من مثل ابن حجر؛ وانظر حاشية المعلمي على (الفوائد المجموعة) (ص484).

((((((((((((((((((((((((((((())))))))))))))))))))))))))

الهوامش:

(1) هذا قول غريب من مثل هذين المحققين!!

(2) إن اختلاف كلمات الناقد في راو معين واقع عند كثير من الأئمة، فإن مبنى هذا العلم الاجتهاد ومداره على النظر والاستقراء. وقد أفردت أسباب اختلاف كلمات الناقد في راوٍ بعينه في جزء.

(3) ولكن بعض المراتب كالمراتب الثلاث الأولى مثلاً مرتبة أحاديثها واضحة جداً.

(4) وهذا لم يفعله أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير