تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمامُ السَّخاويُّ: والاستخراج: أن يَعْمَدَ حافظٌ إلى ((صحيح البُخاريِّ)) مثلاً فَيورد أحاديثهُ حديثاً حديثاً بأسانيدَ لِنَفْسِهِ غير مُلْتَزمٍ فيها ثِقَة الرُّواة، وَإنْ شذَّ بعضهم حيثُ جعلهُ شرطاً مِنْ غَيرِ طريقِ البُخَارِيِّ إلى أنْ يلتقي معهُ في شيخِهِ أو في شيخِ شيخهِ، هكذا ولو في الصَّحابيِّ، كما صَرَّحَ بهِ بعضُهُم.

لكن لا يَسُوغُ للمُخَرِّجِ العدول عن الطَّريقِ التي يقربُ اجتماعهُ مع مُصَنِّفِ الأصلِ فيها إلى البعيدَةِ إلاَّ لغرضٍ مِن عُلُوٍّ، أو زيادة حُكْمٍ مُهِمٍّ، أو نحو ذلكَ، ومُقتَضى الاكتفاء بالالتقاء في الصَّحابيِّ أنَّهُما لو اتَّفقا في الشَّيخِ مثلاً ولم يتَّحد سندهُ عندهُما، ثُمَّ اجتمعَ في الصَّحابيِّ إدخالهُ فيهِ، وإن صَرَّحَ بعضهُم بخلافهِ.

ورُبَّما عَزَّ على الحافظِ وجود بعض الأحاديثِ فيتركهُ أصلاً، أو يُعَلِّقُهُ عن بعضِ رواتهِ، أو يُوردهُ مِن جِهَةِ مُصَنِّفِ الأصلِ ([16]).

والكُتُبُ المُخَرَّجة لم يلتزم فيها موافقتها للكتب المُخَرَّجَةِ عليها في الألفاظِ، فحصلَ فيها تفاوت في اللَّفظِ والمعنى.

قال ابنُ الصَّلاح: صَنَّفَ على صحيح مُسْلِمٍ قومٌ مِنَ الحُفَّاظِ، وأدرَكوا الأسانيد العاليةَ، وفيهم مَنْ أدركَ بعضَ شُيوخِ مُسْلِم، فَخَرَّجُوا أحاديثهِ في تَصَانيفهم تلكَ فالتحقت بهِ في أنَّ لها سِمَة الصَّحيحِ وإنْ لم تَلتحق بهِ في خَصائِصِهِ جمع، ويُسْتَفادُ مِن مُخَرَّجَاتِهِم المَذكورة عُلُوّ الإسناد، وفوائد تنشأ مِن تكثيرِ الطُّرقِ، وَمِن زيادةِ ألفاظ مُفيدة، ثُمَّ إنَّهم لم يَلتزموا فيها المُوافقة في ألفاظ الأحاديث مِن غَير زيادةٍ ولا نَقصٍ لكَونهم يَروونها بأسانيدَ أُخر، فأوجبَ ذلكَ بعض التَّفاوت في بعضِ الألفاظ ([17]).

فلا يجوز أن تنقل منها حديثاً وتقول: هو كذا فيهما إلاَّ أن تُقابله بِهِما، أو أن يَقُولَ المُصَنِّفُ أخرجاهُ بلفظهِ ([18]).

المبحث الثَّاني: مِن صور المُسْتَخرَجات:

أ- قال البُخَارِيُّ: وقال خَارِجَةُ بنُ زَيدِ بنِ ثَابتٍ عن زيدِ بنِ ثَابتٍ ((أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودَ، حَتَّى كَتَبْتُ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُتُبَه، وَأَقْرَأتهُ كُتبهم إذَا كَتَبُوا إليهِ)) ([19]).

وقد أخرجهُ البَرْقَانيُّ في ((مُسْتَخْرَجه)) موصولاً، قال: قَرَأتُ على أبي حَاتِمٍ محمدِ بن يَعْقُوبَ، أخبركم مُحمدُ بنُ عَبدِالرَّحمن السَّامِيُّ، حَدَّثنا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثنا ابنُ أبي الزِّنادِ، عن أبيهِ، عن خَارِجَةَ بن زيدٍ، عن أبيهِ، قَالَ: أَمَرَني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُود، فَما مَرَّ بِيَ نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((واللَّهِ إِنِّي لا آمِنُ اليَهُودَ عَلَى كِتَابي)). قَالَ: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ كُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إلى يَهُود إذَا كَتَبَ إِلَيهِم، فَإذَا كَتَبُوا إليهِ، قَرَأْتُ لَهُ)) ([20]).

وهكذا أوصلهُ البَرْقَانيُّ بسندهِ، فالتقى مع البخاريِّ في خارجة بن زيد.

ب- قال مُسلمٌ: حدَّثنا محمدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بنِ نُميرٍ الهَمْدَانِيُّ، حَدَّثنا أبو خالدٍ (يعني سُليمان بن حَيَّانَ الأحمرَ)، عن أبي مالكٍ الأشْجَعِيِّ، عن سعد ابن عُبَيْدَةَ، عن ابنِ عُمَرَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسَةٍ .. الحديث)) ([21]).

وقد روى أبو نُعيمٍ هذا الحديث في ((مُسْتَخْرَجِه)) بأسانيدَ لنفسهِ، مِن غيرِ

طريقِ صاحب الكتاب، واجتمعَ معهُ في شيخهِ عبدِاللَّهِ انِ نُمَيْر. فقال: حَدَّثنا أبوعمرو بن حمدان، ثنا الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، وأبو عَليٍّ العلاء، قالا: ثنا مُحَمَّدُ بنُ عبدِاللَّهِ ابن نُمَيْرٍ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير