[التكييف الفقهي (تأصيلي)]
ـ[الموسى]ــــــــ[01 - 09 - 07, 05:10 م]ـ
التكييف الفقهي للعقود المالية المستجدة وتطبيقاتها على نماذج التمويل الإسلامية المعاصرة
إعداد
أحمد محمد محمود نصار
ماجستير الاقتصاد والمصارف الإسلامية
البنك الإسلامي الأردني
2004/ 2005
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
يعتبر البحث في فقه المعاملات المالية من الأولويات البحثية في علم الاقتصاد الإسلامي، وذلك بسبب البلوى التي عمت بلاد المسلمين بكثير من المعاملات المحرمة مثل الربا والغش والغرر، وتعطيل كثير من العقود التي تمثل روح الاقتصاد الإسلامي مثل المشاركات والمضاربات، والمناداة في نفس الوقت بإيجاد البديل الشرعي في واقع الحياة العملية، كل ذلك أحوجنا إلى أسلوب منهجي علمي يجمع بين مقاصد الشريعة الإسلامية في الحياة الاقتصادية وبين القابلية للتطبيق في الواقع، وبين يدينا في هذا المقال احد هذه الأساليب وهو التكييف الفقهي، الذي يعتبر نشاطاً فكرياً اجتهادياً يوفر للفقه الإسلامي المرونة والحضور القوى في ساحة ميدان المعاملات المالية المتطورة عبر الزمن، فما هو التكييف الفقهي وما هي عناصره وآلياته وتطبيقاته على المعاملات المالية المعاصرة.
أولاً: تعريف التكييف الفقهي ومشروعيته
يعرف التكييف الفقهي بأنه تحديد لحقيقة الواقعة المستجدة لإلحاقها بأصل فقهي، خصه الفقه الإسلامي باوصاف فقهية، بقصد إعطاء تلك الأوصاف للواقعة المستجدة عند التحقق من المجانسة والمشابهة بين الأصل والواقعة المستجدة في الحقيقة.
من التعريف السابق يتضح أن عناصر التكييف الفقهي تتكون من: الواقعة المستجدة، والأصل، وأوصاف الأصل الفقهية، والحقيقة، والإلحاق.
وهناك الكثير من الأدلة والوقائع التي تثبت مشروعية التكييف الفقهي، وهي كما يلي:
1 – قول الله تعالى في محكم كتابه "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعو به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً"، والاستنباط في الآية الكريمة يعني الإستخراج للأحكام الشرعية، وهو يدل على الإجتهاد إذا عدم النص والإجماع.
2 – قوله صلى الله عليه وسلم "لايجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" , وقد وضع الإمام البخاري هذا الحديث تحت عنوان لايجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع ليدلل على انها قاعدة عامة، أي إذا إجتمعت الفروع الفقهية في طبيعتها وحقيقتها أعطيت الحكم نفسه، ولا يفرق في الاحكام إلا عند الإختلاف في الحقيقة والطبيعة، وهذا هو بحد ذاته جوهر عملية التكييف.
3 – وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه الذي بعثه إلى أبي موسى الأشعري "اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عندك، فأعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى"، يقول السيوطي وهذه العبارة صريحة بتتبع النظائر وحفظها ليقاس عليها ما ليس بمنقول، وإن فيها إشارة إلى ان من النظائر ما يخالف نظائره في الحكم لمدرك خاص به، وهو الفن المسمى بالفروق الذي يذكر فيه الفرق بين النظائر المتحدة تصويراً ومعنى، المختلفة حكماً وعلة.
ومما تقدم من أدلة وشروح لها يتبين أن عملية التكييف الفقهي عملية مشروعة وتعتبر نشاطاً فكرياً إجتهاديا للفقيه، ولكن ما يجب التنبيه إليه هنا توضيح الفرق بين التكييف الفقهي والقياس الفقهي حتى لا يحدث الخلط بينهما، حيث أن القياس الأصل فيه أن يكون منصوصاً عليه في القرآن أو السنة، أم الأصل في التكييف الفقهي أن لا يشترط ذلك فقد يكون نصاً لفقيه أو قاعدة كلية عامة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن العلة في القياس هي الركن الاعظم التي تقوم عليها عملية القياس، في حين ان عملية التكييف الفقهي نحتاج فيها بالإضافة إلى معرفة العلة تحليل حقيقة القضية المعروضة، ومعرفة قصد أطراف القضية، ومعرفة معنى القاعدة الكلية.
ثانياً: خطوات التكييف الفقهي.
لابد للتكييف الفقهي من خطوات منهجية ليتم لنا البناء المعرفي بهذه العملية الفكرية الاجتهادية، لتتضح الصورة أكثر لدى المتصدي لها، وهي كما يلي:
1 – التعرف على الواقعة المستجدة: وهي المسألة المستحدثة التي تعرض على المجتهد ليحكم فيها وتحليلها إلى عناصرها الأولية وهي تشمل كل من:
¥