[بلوغ المرام-كتاب الصيام -شرح العثيمين]
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[27 - 08 - 07, 06:42 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه.
وبعد
لقد من الله علي بأن فرغت شرح كتاب الصيام للعلامة ابن عثيمين بل ووضعت عليه تعليقات هامة،
ويسعدني لقرب شهر رمضان المبارك أن أنزل في هذه الصفحة مقدمة عن الصيام، وبعدها أتبعها بألأحاديث وكل الفوائد التي ذكرها الشيخ العثيمين في شرحه.
ملاحظة: أرجو عدم التعليق إلا لحاجة؛ لأن المواضيع ستكون متتابعة -وجزاكم الله خيرا-
وكل ما تجدونه مكتوبا هو للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الصيام في اللغة: الإمساك لقوله تعالى? عن مريم: ?فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا? [مريم:26] أي إمساكا عن الكلام.
وقول الشاعر (النابغة الذبياني):
خَيلٌ صِيامٌ وَخَيلٌ غَيرُ صائِمَةٍ
تَحتَ العَجاجِ وَأُخرى تَعلُكُ اللُجُما
قوله: (خيل صيام) أي ممسكة.
وقول العامة: صامت عليه الأرض، إذا ?لتأمت عليه وأمسكته.
إذن الصيام في اللغة الإمساك.
الصيام في الشرع: تعبد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالإمساك عن المفطِّرات من طلوع الفجر إلى? غروب الشمس.
وحكمه أنه فرض بإجماع المسلمين بدلالة الكتاب والسنة عليه:
قال الله تعالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ? [البقرة:183] أي فُرض.
وقال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((إذا رأيتموه فصوموا))، والأمر للوجوب.
فصيامه واجب بالكتاب والسنة، وإجماع المسلمين إجماعا قطعيا لم يختلف في اثنان لا سنيّهم ولا بدعيّهم، كلهم مجمعون على وجوب صوم رمضان.
ولهذا نقول: من أنكر وجوبه كفر، إذا كان عائشا بين المسلمين؛ لأنه أنكر أمرا معلوما بالضرورة من دين الإسلام، أما من تركه تهاونا فقد اختلف العلماء في كفره، والصحيح أنه لا يكفر، وعن الإمام أحمد رواية أنه يكفر، قال: لأنه ركن من أركان الإسلام. والركن هو جانب الشيء الأقوى وإذا سقط الركن سقط البيت.
ولكن الصحيح أنه لا يكفر بشيء من الأعمال إلا الصلاة كما قال عبد الله بن شقيق عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
ثم إن للصيّام حِكَمًا كثيرة أهمها:
التقوى: وهي التي أشار الله إليها في قوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ? [البقرة:183].
الثاني معرفة قدْر نعمة الله على العبد.
ومن فوائده تعويد النفس على الصبر والتحمّل، حتى لا يكون الإنسان مسرفا، فإن الإنسان قد يأتيه يوم يجوع فيه ويعطش، فيكون الصوم تمرينا له على الصبر والتحمل على فقد المحبوب، وهـ?ذه تربية نفسية.
الرابع من الحكم أن الغني يعرف حاجة الفقير فيرقّ له ويرحمه، ولهذا كان الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن.
الخامسة أن فيه تضييقا لمجاري الشيطان؛ لأنه بكثرة الغذاء تمتلئ العروق دما وتتسع، وبقلته تضيق المجاري، ومجاري الدّم هي مسالك الشيطان لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم))
السادس أن فيه حُمية عن كثرة الفضلات والرطوبات في البدن، ولهذا بعض الناس يزداد صحة بالصوم؛ لأن الرطوبات التي تلبّدت على البدن تتسرب وتزول؛ حيث إن البدن يضمُر وييبس فتتسرب تلك الرطوبات، فيكون في ذلك فائدة عظيمة للبدن، وهـ?ذا أمر مشاهد.
سابعا ما يحصل بين يديه وخلفه من عبادة الله عز وجل، فبين يديه السحور، فإن السحور عبادة لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((تسحروا فإن في السّحور بركة))، وما يحصل من الإفطار لأن أحب عباد الله إليه أعجلهم فطرا، فالإنسان يتناول ما يشتهي عبادة عند الإفطار.
ومنها أيضا -الثامنة- أن الغالب على الصائمين التفرغ للعبادة، ولهذا تجد الإنسان في حال الصيام تزداد عبادته، وليس يوم فطره ويوم صومه سواء، إلا الغافل فله شأن آخر؛ لكن الإنسان اليقظ الحازم الفطن الكيِّس هـ?ذا يجعل يوم صومه غير يوم فطره.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[27 - 08 - 07, 06:51 م]ـ
شرح بلوغ المرام –كتاب الصيام - المقدمة
[الحديث الأول]
¥