هل سبق الإمامَ ابنَ حزم رحمه الله أد لهذا القول, وهل في تقليده والعمل بفتواه حرج؟
ـ[مصطفى المدني]ــــــــ[01 - 09 - 07, 11:30 م]ـ
في المحلى لابن حزم رحمه الله:
1966 – مسألة: من قال: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق , أو ذكر وقتا ما؟
فلا تكون طالقا بذلك , لا الآن , ولا إذا جاء رأس الشهر.
برهان ذلك -: أنه لم يأت قرآن ولا سنة بوقوع الطلاق بذلك , وقد علمنا الله الطلاق على المدخول بها , وفي غير المدخول بها , وليس هذا فيما علمنا {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.
وأيضا - فإن كان كل طلاق لا يقع حين إيقاعه فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه -
وقد اختلف الناس في هذا -: فقالت طائفة: من طلق إلى أجل لم يقع [بذلك] الطلاق إلا إلى ذلك الأجل - كما روينا من طريق أبي عبيد نا يزيد بن هارون عن الجراح بن المنهال نا الحكم - هو ابن عتيبة - أن ابن عباس كان يقول: من قال لامرأته: أنت طالق إلى رأس السنة -: أنه يطؤها ما بينه وبين رأس السنة.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء من قال لامرأته: أنت طالق إذا ولدت؟ فله أن يصيبها ما لم تلد - ولا يطلق حتى يأتي الأجل.
وكذلك من قال: أنت طالق إلى سنة
ومن طريق أبي عبيد نا يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد أبي الشعثاء قال: هي طالق إلى الأجل الذي سمي , وتحل له ما دون ذلك. [ص: 480]
ومن طريق أبي عبيد نا هشيم أنا مغيرة عن إبراهيم النخعي فيمن وقت في الطلاق وقتا , قال: إذا جاء ذلك الوقت وقع.
ورويناه أيضا عن الشعبي.
ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو معاوية عن عبيدة عن الشعبي مثل قول إبراهيم - وروي أيضا: عن عبد الله بن محمد بن الحنفية.
وروينا عن سفيان الثوري قال: من قال لامرأته: إذا حضت فأنت طالق؟ فإنها إذا دخلت في الدم طلقت عليه. قال: فإن قال لها: متى حضت حيضة فأنت طالق؟ فلا تطلق حتى تغتسل من آخر حيضتها , لأنه يراجعها حتى تغتسل. وبأن: لا يقع الطلاق المؤجل إلا إلى أجله
-: يقول أبو عبيد , وإسحاق بن راهويه , والشافعي , وأحمد , وأبو سليمان , وأصحابهم. وقول آخر - وهو أن الطلاق يقع في ذلك ساعة يلفظ به -: روينا ذلك من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب فيمن طلق امرأته إلى أجل؟ قال: يقع الطلاق ساعتئذ ولا يقربها.
ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم نا منصور , ويونس عن الحسن: أنه كان لا يؤجل في الطلاق -.
وروينا عن الزهري من طلق إلى سنة؟ فهي طالق حينئذ.
ومن طريق أبي عبيد عن هشيم عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه كان لا يؤجل في الطلاق أجلا.
وروي عن ربيعة - وهو قول الليث , وأحد قولي أبي حنيفة - وهو قول زفر.
وقول ثالث - كما روينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن قتادة عن الحسن أنه قال: إذا قال: أنت طالق إذا كان كذا - لأمر لا يدري أيكون أم لا؟ - فليس بطلاق حتى [ص: 481] يكون ذلك ويطؤها , فإن ماتا قبل ذلك توارثا. فإن قال: أنت طالق إلى سنة فهي طالق حين يقول ذلك - وهو قول مالك.
وقول رابع - روي عن ابن أبي ليلى فيمن قال لامرأته: أنت طالق إلى رأس الهلال؟ قال: أتخوف أن يكون قد طلقها؟ فوجدنا من حجة من قال: بأنه وقع عليه الطلاق الآن -: أن قالوا: هذا الطلاق إلى أجل , فهو باطل كالنكاح إلى أجل؟ فقلنا لهم: فلم قلتم: إنه إن قال: إن دخلت الدار فأنت طالق؟ أنها لا تطلق إلا بدخول الدار , فإنه طلاق إلى أجل , فأوقعتموه حين لفظ به.
وبهذا نعارضهم في قولهم: إن ظاهر أمره أنه ندم إذ قال: أنت طالق , فأتبع ذلك بالأجل؟ فيلزمهم ذلك فيمن قال: أنت طالق إن دخلت الدار.
وهو قول صح عن شريح ألزمه الطلاق - دخلت الدار أو لم تدخله.
وقالوا: إذا قال: أنت طالق , فالطلاق مباح , فإن أتبعه أجلا فهو شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل؟ فقلنا: بل ما طلاقه إلا فاسد لا مباح؟ إذ علقه بوقت , ولا يجوز إلزامه بعض ما التزم دون سائره - فظهر فساد هذا القول , ويكفي من هذا أنه تحريم فرج بالظن على من أباحه الله تعالى له باليقين - ونعوذ بالله من هذا.
¥