[الفريغ الكامل ل"باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء"من كتاب الصيام في الزاد للشيخ الشنقيطي]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[16 - 08 - 07, 03:25 م]ـ
قام بالشرح فضيلة الشيخ العلامة الدكتور/محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي – المدرس بالحرم النبوي الشريف - حفظه الله ..
قال المصنف-رحمه الله-: [باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء]:
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول-رحمه الله-[باب ما يكره]: أي ما يكره على الصائم أن يفعله حال صيامه سواءً كان لنافلة أو فريضة، والمكروه هو الذي تعافه النفوس، وكره فلان فلاناً إذا وجد فيه ما يوجب نفرته منه.
وأما المكروه في الشريعة: فهو الذي نهى الشرع عنه نهياً غير جازم، وهذا المكروه يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، وكأن المصنف-رحمه الله- يريد أن يبين لنا بعض الأمور التي لا يستحب للصائم أن يفعلها وإذا تركها بقصد التقرب فإنه يثاب شرعاً، ولكنها لا توجب فطره.
وقوله [ويستحب]: ضد المكروه فالذي أمر الشرع به من الأقوال والأفعال إن كان جازماً فهو واجب، وإن كان غير جازم فهو مندوب ومستحب، وحكمه أنه يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
وقوله [يستحب]: أي يستحب للصائم أن يفعله، أو يستحب للصائم أن يقوله، والسبب في ذلك أن الصيام فيه أمور محرمة وفيه أمور مكروهة وفيه أمور واجبة وفيه أمور مستحبة وفيه أمور مباحة، ولذلك تكلم-رحمة الله عليه- في الأبواب الماضية عن الأمور المحرمة والأمور الواجبة، وبعد بيانه لكلا القسمين شرع في بيان ما يكره وما يستحب.
ولكن السؤال لماذا قال: [باب ما يكره]: فقدم المكروه على المستحب، والتقديم للشيء فيه دلالة على شرفه في الغالب، فتقديم المكروه؛ لأن الصيام يقوم على الترك، ولذلك المكروه ألصق بمادة الصيام من المستحب الذي يطلب فيه الفعل في الغالب.
وقوله-رحمه الله-[وحكم القضاء]: أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل المتعلقة بقضاء صيام رمضان، والسبب في ذلك أن المكلف لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يوقع صيام الفريضة في زمانه المعتبر على وجهه المعتد به شرعاً فحينئذٍ لا إشكال، ويسمى هذا الصيام منه صيام الأداء.
الحالة الثانية: أن لا يوقعه فيوجد العذر الشرعي الذي يبيح له الفطر من مرضٍ أو سفر أو غير ذلك فيفطر، فإذا أفطر توجه عليه خطاب الشرع أن يقضي أياماً أخر على عدد الأيام التي أفطرها من غير رمضان فحينئذٍ ينتقل من رمضان إلى غير رمضان.
ويرد السؤال: عن هذه الأيام والأحكام المتعلقة بها هل تنزل منزلة أيام رمضان أو لا تنزل؟
ذلك - أيضاً - من جهة كون الذي يقضي إذا أفطر متعمداً هل يجوز له ذلك أو لا يجوز؟ وما الحكم على فطره إذا وقع على هذا الوجه؟
يقول-رحمه الله-[باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء]: جمعها-رحمة الله عليه- في هذا الموضع لتجانسها فإن المكروه والمستحب يتضادان في الغالب وإن كان هناك صور يكون فيها المستحب لا يضاد المكروه.
قوله-رحمه الله-[يكره جمع ريقه فيبتلعه]: يكره للصائم أن يجمع ريقه، الريق: لعاب أوجده الله في الفم يكون بأصله لعاباً قوي المادة أو يتحلل مع حركة الفم، وهذا اللعاب أوجده الله-عز وجل- لحكمة، وإذا أراد الإنسان أن ينظر إلى عظيم نعمة الله عليه بهذا اللعاب فلينظر إلى ساعته في شدة الظهيرة وقد جف حلقه من لعابه كيف يكون حاله، فلو أن الله خلقه على هذه الصفة لوجد من المشقة والعناء ما لا يخفى، ولكنه أحسن كل شيء خلقه-سبحانه وتعالى- وتبارك وهو أحسن الخالقين، فخلقه على هذه الصفة فجعل اللعاب في فمه يمكنه من الكلام ويدفع عنه مشقة يبس حلقه وصعوبة كلامه، ولذلك تجد من جف لعابه أو قل - خاصة في أحوال الصيام وشدة الظمأ - يصعب عليه الحديث ويصعب عليه الكلام فهذا اللعاب والريق له حالتان:
¥