الصِّيَامُ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَفِي الشَّرْعِ إمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَغَيْرِهِمَا – على وجه التعبد - مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فِي النَّهَارِ - من طلوع الفجر إلى غروب الشمس - عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَيَتْبَعُ ذَلِكَ الْإِمْسَاكُ عَنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ لِوُرُودِ الْأَحَادِيثِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا فِي الصَّوْمِ زِيَادَةً عَلَى غَيْرِهِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ.
قال ابن قدامة: [المغني - (ج 6 / ص 31)]
والصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .... ... ويدل على ذلك قول الله تعالى:" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) [البقرة/187] يعني بياض النهار من سواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر قال ابن عبد البر في قول النبي صلى الله عليه و سلم:" إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر وهذا إجماع لم يخالف فيه الا الأعمش وحده فشذ ولم يعرج أحد على قوله والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس قال: هذا قول جماعة علماء المسلمين. أ.هـ
س: ما هى حكمة الصيام؟
الجواب:
قال العلماء تتجلّى حكمة الصّوم فيما يلي:
أ - أنّ الصّوم وسيلة إلى شكر النّعمة، إذ هو كفّ النّفس عن الأكل والشّرب والجماع، وإنّها من أجلّ النّعم وأعلاها، والامتناع عنها زماناً معتبراً يعرّف قدرها، إذ النّعم مجهولة، فإذا فقدت عرفت، فيحمله ذلك على قضاء حقّها بالشّكر، وشكر النّعم فرضٌ عقلاً وشرعاً، وإليه أشار الرّبّ سبحانه وتعالى بقوله في آية الصّيام: «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» 185 البقرة.
ب - أنّ الصّوم وسيلة إلى التّقوى، لأنّه إذا انقادت نفس للامتناع عن الحلال طمعاً في مرضاة اللّه تعالى، وخوفاً من أليم عقابه، فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام، فكان الصّوم سبباً لاتّقاء محارم اللّه تعالى، وإنّه فرض، وإليه وقعت الإشارة بقوله تعالى في آخر آية الصّوم «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» 183 البقرة.
ج - أنّ في الصّوم قهر الطّبع وكسر الشّهوة، لأنّ النّفس إذا شبعت تمنّت الشّهوات، وإذا جاعت امتنعت عمّا تهوى، ولذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشّباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم، فإنّه له وجاء» [البخاري - كتاب الصوم - باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبه] فكان الصّوم ذريعةً إلى الامتناع عن المعاصي.
د - أنّ الصّوم موجب للرّحمة والعطف على المساكين، فإنّ الصّائم إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات، ذكر مَن هذا حاله في جميع الأوقات، فتسارع إليه الرّقّة عليه، والرّحمة به، بالإحسان إليه، فينال بذلك ما عند اللّه تعالى من حسن الجزاء.
هـ - في الصّوم موافقة الفقراء، بتحمّل ما يتحمّلون أحياناً، وفي ذلك رفع حاله عند اللّه تعالى.
و - في الصّوم قهر للشّيطان، فإنّ وسيلته إلى الإضلال والإغواء: الشّهوات، وإنّما تقوى الشّهوات بالأكل والشّرب، ولذلك جاء في حديث صفيّة رضي الله عنها قوله - عليه الصلاة والسلام -: «إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم، فضيّقوا مجاريه بالجوع» [متفق عليه من حديث صفية دون قوله " فضيقوا مجاريه بالجوع]
?فصل فى بيان فضل الصيام وحكمه?
س: ما هو فضل الصيام؟
الجواب:
وردت احاديث كثيرة تبين فضل الصيام منها:
ما اخرجه النسائى عن أبى أمامة قال: قلت يارسول الله: مرنى بأمر آخذه عنك , قال: " عليك بالصوم فإنه لا مثل له ". و فى رواية:" لا عدل له" [قال الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 4044 في صحيح الجامع].
¥