تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ خَاتَمُ دَانْيَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ عَلَى فَصِّهِ أَسَدَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ يَلْحَسَانِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ حَالِهِ، أَوْ لِأَنَّ التِّمْثَالَ فِي شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا كَانَ حَلَالًا، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ.

فَأَمَّا صُورَةُ مَا لَا حَيَاةَ لَهُ كَالشَّجَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ عَبَدَةَ الصُّوَرِ لَا يَعْبُدُونَ تِمْثَالَ مَا لَيْسَ بِذِي رُوحٍ، فَلَا يَحْصُلُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ، وَكَذَا النَّهْيُ إنَّمَا جَاءَ عَنْ تَصْوِيرِ ذِي الرُّوحِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَوَّرَ تِمْثَالَ ذِي الرُّوحِ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فَأَمَّا لَا نَهْيَ عَنْ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ لَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ نَهَى مُصَوِّرًا عَنْ التَّصْوِيرِ؛ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ وَهُوَ كَسْبِي؟ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَعَلَيْكَ بِتِمْثَالِ الْأَشْجَارِ وَيُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ قَبْرٍ أَوْ مَخْرَجٍ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ يَجِبُ تَعْظِيمُهَا، وَالْمَسَاجِدُ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، وَمَعْنَى التَّعْظِيمِ لَا يَحْصُلُ إذَا كَانَتْ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الْأَقْذَارِ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَأَمَّا مَسْجِدُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ قِبْلَتُهُ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسَاجِدِ، حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ، وَكَذَا لِلنَّاسِ فِيهِ بَلْوَى بِخِلَافِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ.

وَلَوْ صَلَّى فِي مِثْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَى قَوْلِ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ: لَا تَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا، الْمُصَلِّي فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ صَلَّى وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مَغْصُوبٌ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُ.

(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَأَدَّى بِمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) الخ.

وفي شرح العمدة لابن تيمية: (فان كانت الصورة قد مثلت في بيوت العبادة فالصلاة هناك اقبح و أشد كراهة حتى قد قال احمد فيمن صلى و في كمه منديل حرير فيه صور اكرهه قال القاضي لأن التصاوير في الثوب المحرم فكأنه حامل لشيء محرم فجرى مجرى جلوسه في بيت فيه صور و ذلك مكروه و هذا هو الصواب الذي لا ريب فيه و لا ينبغي ان يشك فيه لظهوره في دين الاسلام؛ فان الذين نقل عنهم الرخصة في الصلاة في الكنائس من الصحابة شرطوا ذلك بأن لا تكون بها تماثيل و قد ذكرناه عن ابن عباس و ذكر ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لنصراني انا لا ندخل بيعكم من اجل الصور التي فيها و عن مقسم قال كان ابن عباس لا يصلي في بيت فيه تماثيل و عنه عن ابن عباس أنه قال لا يصلي فى كنيسة فيها تماثيل و ان صار ان يخرج فيصلي في المطر رواهما سعيد و لأن النبي صلى الله عليه و سلم لما ذكرت له الكنيسة التي بارض الحبشة و ما فيها من التصاوير قال اولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك التصاوير اولئك شرار الخلق عند الله و كل واحد من اتخاذ القبور مساجد و من التصاوير فيها محرم فالصلاة فيها تشبه الصلاة في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير