والذي أريد أن أقوله هو أن بعض الناس لا يفرقون بين ما هو قول لإمام المذهب , وبين ما هو منسوب إليه بالتخريج , أو بغيره , وهذا أمر ليس بالجديد , فقد قال الدهلوي:" ووجدت بعضهم يزعم أن جميع ما يوجد في هذه الشروح الطويلة , وكتب الفتاوى الضخمة , هو قول أبي حنيفة وصاحبيه , ولا يفرق بين القول المخرج , وما هو قول في الحقيقة , ولا يحصل معنى قولهم: على تخريج الكرخي كذا , وعلى تخريج الطحاوي كذا , ولا يميز بين قولهم قال أبو حنيفة كذا , وبين قولهم جواب المسألة على قول أبي حنيفة , وعلى اصل أبي حنيفة كذا " (الانصاف في بيان اسباب الخلاف 92).
قال المقري:" لا تجوز نسبة التخريج والإلزام بطريق المفهوم أو غيره إلى غير المعصوم عند المحققين , لإمكان الغفلة , أو الفارق , أو الرجوع عن الاصل عند الإلزام , أو التقييد بما ينفيه , أو إبداء معارض في المسكوت أقوى , أو عدم اعتقاده العكس إلى غير ذلك , فلا يعتمد في التقليد , ولا يعد في الخلاف " (قواعد المقري: القاعدة العشرون بعد المائة).
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[22 - 04 - 08, 12:07 ص]ـ
وقد يكون للتلاميذ أقوال مستقلة عن الإمام فيختلفون عنه , وقد يختلفون فيما بينهم , وقد يكون سبب اختلافهم مبنياً على توجيه الواحد منهم كلام الإمام , وينزل هذا غلى أقوال من دون تلاميذ الإمام من الطبقات , , كاختلافهم في معنى الكراهة إذا أطلقها مالك - رحمه الله- فيحملها بعضهم على الكراهة التنزيهية , متأثراً بالمصطلحات الحادثة , ويحملها آخرون على الحرمة , أي الكراهة التحريمية , التي هي الأصل , ولا يضع الأول في الحسبان أن الائمة الأقدمين كانوا يتحرجون من التصريح بالحرمة , بل إنه يندر ان تعثر على التصريح بها في الموطأ , ويمكن أن يمثل لذلك بما في المختصر للشيخ خليل - رحمه الله- من كراهة البناء على القبر , إلا أذا بوهي به فيحرم , وهذا بعيد جداً , فإن المبهاة أمر محرم لذاته , , لا يحتاج غلى نهي نهي آخر , إلا فيما استثناه الشرع , كالتباهي على الكفار , وعليه يكون التباهي مع البناء شر على شر , كالختيال مع جر الثوب , فلا ينبغي تقييد حرمة البناء بالتباهي , ولا حرمة جرّ الثوب بالاختيال , لكن لعلهم أخذوها من قول مالك في المدونة:" أكره تجصيص القبور , والبناء عليها , وهذه الحجارة التي تبنى عليها " , ومن النادر عند مالك التصريح بالحرمة , وقد يكون التلاميذ علموا قول الامام وخالفوه , وقد لا يكونون علموه , وقد يجتهد بعض المشتغلين بالفقه في التوفيق بين قول الإمام وقول تلميذه المخالف , بحثاً منهم عن الوفاق , كقولهم أحياناً هذا خلاف لفظي , ومثاله: أن الرواية عن مالك جاءت بأن من صلى الفجر في داره وأتى المسجد فلا يركع , وجاءت الرواية عن ابن القاسم بالركوع , فافترق المتأخرون في حكم من ركع في داره ثم أتى المسجد , ماذا ينوي بالركعتين؟ على قولين , فقال بعضهم: ينوي بذلك تحية المسجد , وقال آخرون: يصلي مرة ثانية بنية الفجر , ويظهر أن الحامل على هذا القول هو استبعاد مخالفة ابن القاسم للإمام , فكان القول بإعادة الفجر أهون من القول بصلاة تحية المسجد في وقت لا تسوغ فيه , ومعنى ذلك أننا ننسب إلى ابن القاسم القول بإعادة الفجر , ,
والله أعلم
ـ[يوسف الخطيب]ــــــــ[02 - 10 - 08, 04:42 م]ـ
فكيف الوصول الى قول الامام مالك،وما هي الكتب التي تحقق وتنقح للوصول الى ما الصحيح من أقوال مالك وليس تلامذته أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[02 - 10 - 08, 08:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا وبارك فيكم على الفوائد الجمة ......
فكيف الوصول الى قول الامام مالك،وما هي الكتب التي تحقق وتنقح للوصول الى ما الصحيح من أقوال مالك وليس تلامذته أفيدونا جزاكم الله خيرا
؟؟؟
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[02 - 10 - 08, 09:04 م]ـ
قد حقق الحافظ ابن عبد البر كثيرا من أقوال مالك المختلفة عليه في كتابه الكافي (فإنما ألفه لذلك) وبين الراجح من أقوال أصحابه في النقل عنه عندالاختلاف ,وكذلك فعل الامام ابن رشد في البيان والتحصيل عند التطرق لبيان وجوه بعض السماعات , إن كان في كثير من الاحيان يكتفي بالنقل دون الترجيح.
¥