ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[21 - 10 - 07, 02:33 ص]ـ
الأخ الكريم الفاضل/ ابن عقاب
أشكر لكم حسن ردكم المهذب وأدبكم الجم وسعة صدركم، زادكم الله علما وحرصا وادبا وخلقا"، وجزاكم الله خيرا" على دعائكم لى، ولكم بمثل ان شاء الله تعالى.
أخى الكريم، أغفر لى ظنى بان لديك مالا" هو سبب طرح هذه المسألة، ولكن ادعوا الله لكم بأن يرزقكم مالا حلالا" طيبا وعلما نافعا تستعينون به على انفافه فى سبيل الله وطاعته ...
اما بالنسبة لتوجيه ما اوردت وما اجبتم عليه، فاسمح لى بان أعيد توجيه ايرادى السابق، ردا على ايرادك عليه اللاحق، شريطة الا اذكر كلمة من كيسى، وهو كما يلى:_
قولكم:
أن الضمان في الوديعة مع عدم التفريط لم يرد فيه دليل صحيح حسبما أعلم، وأنا الآن خلو من المراجع
، سأجيب عليه بفقرة من احكام الوديعة للموفق بن قدامه - رحمه الله تعالى - فى المغنى، مانصه:
[وليس على مودع ضمان إذا لم يتعد]
وجملته أن الوديعة أمانة فإذا تلفت بغير تفريط من المودع , فليس عليه ضمان سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب هذا قول أكثر أهل العلم روى ذلك عن أبي بكر وعلي , وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال شريح والنخعي ومالك , وأبو الزناد والثوري والأوزاعي والشافعي , وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى إن ذهبت الوديعة من بين ماله غرمها لما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله قال القاضي: والأولى أصح لأن الله تعالى سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة ويروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه , عن جده ((, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ليس على المستودع ضمان)) ويروى عن الصحابة الذين ذكرناهم ولأن المستودع مؤتمن فلا يضمن ما تلف من غير تعديه وتفريطه كالذي ذهب مع ماله ولأن المستودع إنما يحفظها لصاحبها متبرعا , من غير نفع يرجع عليه فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع وذلك مضر لما بيناه من الحاجة إليها وما روى عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها , فلا ينافي ما ذكرناه فأما إن تعدى المستودع فيها أو فرط في حفظها فتلفت , ضمن بغير خلاف نعلمه لأنه متلف لمال غيره فضمنه , كما لو أتلفه من غير استيداع.
وأما ماذكرتم فى النقطة ثانيا عن الزام الفقهاء بضمان الوديعة لمن تصرف فيها وهذا بعينه مايفعله البنك، فيلزم أولا " معرفة التعريف الدقيق لمعنى الوديعة - اعنى التعريف الفقهى، وهو كما شرحها الشيخ الدكتور / سعد بن تركى الخثلان -حفظه الله - فى شرحه لعمدة الفقه، مايلى:
وتعريفها شرعًا: اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض، والإيداع هو توكيل في الحفظ تبرعًا، والاستيداع توكل فيه، وبهذا التعريف يتبين أن المال المودع يعتبر أمانة عند المودع يحفظه لصاحبه بلا عوض، ولا يتصرف فيه، لا يتصرف في هذا المال وإنما يحفظه لصاحبه، من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب الإحسان للمودع،
،، ثم انظر رعاك الله، فى توضيح الشيخ للمعاملات البنكية والتكييف الفقهى لهذه المعاملات، مايلى:-
أعيد مرة أخرى، أقول: إن وضع المال في البنك وفتح حساب جاري يسميه الناس وديعة، ولكن هو في حقيقة الأمر ليس وديعة لماذا؟ لأمرين:
الأمر الأول: أن البنك يتصرف في هذا المال مباشرة، ولو كان وديعة لما تصرف فيه البنك، ولحفظه لصاحبه.
الأمر الثاني: أن البنك يضمنه مطلقًا، سواءً تلف بتعد وتفريط من البنك، أو بدون تعد ولا تفريط؛ ولهذا لو احترق هذا الفرع الذي فيه هذا المال لضمنه البنك، ولو كان وديعة لما ضمنه البنك إلا في حال التعدي أو التفريط، وبهذا فإنه لا يصح أن يسمى وديعة، إذن يسمى ماذا؟ يسمى قرضًا؛ لأن حقيقة القرض في الفقه الإسلامي هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله، وهذا ينطبق تمامًا على الحساب الجاري، فإن العميل يدفع مال لهذا البنك، والبنك ينتفع به وإن كان العميل لا يقصد ذلك ويرد البنك بدله متى أراد العميل، فتكون العلاقة بين هذا العميل والبنك علاقة قرض، المودِع هو العميل والمودَع هو البنك، وعلى هذا تترتب جميع أحكام القرض.
¥