ب / أدلة المثبتين للتعليل:
استدلَّ المثبتون للتعليل بالكتاب، والسنة، والإجماع، والاستقراء، وأقوال الصحابة:
أ – الكتاب:
تنوَّعت مسالك القرآن في ذكر الأحكام الشرعية ولم تكن الأحكام فيه تذكر سرداً، بل تذكر عللها وتبيَّن أسبابها، ومن هذه المسالك التي تدلُّ على التعليل:
1 – آيات يذكر فيها الحكم معللاً بأداة من أدوات التعليل نحو: (من أجل، كي، إذن، اللام) وهي كثيرة ومنها:
قوله تعالى: ? من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنَّه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ?
وقوله تعالى: ? فأثابكم الله غمَّاً بغمٍّ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ?
وقوله تعالى: ? ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً ?
وقوله تعالى: ? وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه ?
2 – آيات يذكر فيها الوصف مرتباً على حكم، فيفهم منه أنَّ هذا الحكم يدور مع ذلك الوصف أينما وجد، ومن ذلك:
قوله تعالى: ? الزَّانية والزَّاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ?
وقوله تعالى: ? والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا ?
وقوله تعالى: ? إنَّما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ?
3 – آيات يذكر فيها الحكم مع السبب مقروناً بحرف السببيِّة أو مؤخراً عنه، ومن ذلك:
قوله تعالى: ? أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ?
وقوله تعالى: ? فبظلمٍ من الذين هادوا حرمنا عليهم طيباتٍ أحلت لهم ?
وقوله تعالى: ? فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ?
4 – آيات تدلُّ على أنَّ اللَّه يأمر بالشيء مبيناً مصالحه، أو يحرم شيئاً مبيناً مفاسده، ومن ذلك:
قوله تعالى: ? إنَّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه ?
وقوله تعالى: ? ولا تسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسبُّوا الله عدواً بغير علم?
5 – آيات يذكر فيها ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الشرط والجزاء، ومن ذلك:
قوله تعالى: ? فمن شهد منكم الشهر فليصمه ?
وقوله تعالى: ? فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ?
وقوله تعالى: ? يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم?
وقوله تعالى: ? ومن يتق الله يكفِّر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ?
ب – السنة النبوية:
وهي أيضاً كالكتاب في تنوع الأساليب والمسالك، ومن ذلك:
1 – أحاديث يذكر فيها الحكم معللاً بأداة من أدوات التعليل نحو: (من أجل، كي، إذن) ومن ذلك:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إنَّما جعل الاستئذان من أجل البصر "
وفي حديث جابر بن عبد الله_ رضي الله عنهما _ قال: أقفلنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غزوة فلما ذهبنا لندخل قال: " أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً كي تمشط
الشعثة وتستحدّ المغيبة"
وعن معاذ بن جبل _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ما من عبدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله إلا حرمه الله على النَّار " قال: يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: " إذاً يتكلوا ".
2 – أحاديث تدلُّ على أنَّ الأحكام مشروعة لمصالح الخلق ومن ذلك:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إنما بعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين "
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يسِّروا ولا تعسِّروا وبشِّروا ولا تنفِّروا "
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا ضرر ولا ضرار "
3 – أحاديث يذكر فيها ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الشرط والجزاء، ومن ذلك:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً "
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر "
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة "
4 – أحاديث يذكر فيها الوصف مرتب على حكم، فيفهم منه أن هذا الحكم يدور مع ذلك الوصف أينما وجد ومن ذلك:
¥