تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(والمقصود من هذه الآية أن تكون فرْقَة من الأمَّة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ" .. وقال الإمام أحمد: .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ". ورواه الترمذي .. وقال الترمذي: حسن. والأحاديث في هذا الباب كثيرة مع الآيات الكريمة). انتهىوقال الإمام أبو الخطاب الكلوذاني في كتابه " التمهيد في أصول الفقه ":

(قوله: ((تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)) يقتضي كونهم كذلك في كل حال؛ لأنهم لو أمروا ببعض المعروف ونهوا عن بعض المنكر في حال دون حال؛ لَمَا كانوا خير أمة أُخرجت للناس, لأن الأمم السالفة أُمِرُوا بكثير من المعروف ونُهُوا عن كثير من المنكر في حال دون حال؛ ولهذا أمروا بالتوحيد والعدل واتباع الأنبياء, ونهوا عن الإلحاد وتكذيب الأنبياء , فَثَبَتَ أن الآية تريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كله في جميع الحالات). انتهىوقال الإمام ابن تيمية:

(هذا وَصْفٌ لهم بأنهم يأمرون بكل معروف , وينهون عن كل منكر). انتهى

وقال الإمام ابن تيمية أيضا:

(إجماع هذه الأمة حجة؛ لأن الله تعالى أخبر أنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر, فلو اتفقوا على إباحة محرم أو إسقاط واجب أو تحريم حلال أو إخبار عن الله تعالى أو خَلْقِهِ بباطل؛ لكانوا متصفين بالأمر بمنكر والنهى عن معروف من الكلم الطيب والعمل الصالح, بل الآية تقتضى أن ما لم تأمر به الأمة فليس من المعروف, وما لَمْ تَنْه عنه فليس من المنكر, وإذا كانت آمرةً بكل معروف, ناهيةً عن كل منكر, فكيف يجوز أن تأمر كلُّها بمنكر أو تنهى كلُّها عن معروف؟). انتهى

وقال العلامة علاء الدين البخاري في (كشف الأسرار) في أصول الفقه:

(وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ خَيْرِيَّتِهِمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَرِ , وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي اسْمِ الْجِنْسِ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ؛ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِكُلِّ مَعْرُوفٍ وَنَهَوْا عَنْ كُلِّ مُنْكِرٍ, فَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى خَطَإٍ قَوْلًا؛ لَكَانُوا أَجْمَعُوا عَلَى مُنْكَرٍ قَوْلًا؛ فَكَانُوا آمِرِينَ بِالْمُنْكَرِ نَاهِينَ عَن الْمَعْرُوفِ , وهُوَ يُنَاقِضُ مَدْلُولَ الْآيَةِ). انتهى

وقال الإمام القرافي في كتابه " شرح تنقيح الفصول ":

(ذَكَرَهُم في سياق المدح .. لأنه تعالى وصفهم بأنهم يأمرون بالمعروف, والألفُ واللام للعموم, فيأمرون بكل معروف؛ فلا يفوتهم حق لأنه من جملة المعروف, ولقوله تعالى: " وينهون عن المنكر ", والمنكر باللام يفيد أنهم ينهون عن كل منكر فلا يقع الخطأ بينهم ويوافقوا عليه لأنه منكر. والعمدة الكبرى: أن كل نص من هذه النصوص مضموم للاستقراء التام من نصوص القرآن والسنة وأحوال الصحابة , وذلك يفيد القطع عند المطلع عليه, وأن هذه الأمة معصومة من الخطأ, وأن الحق لا يفوتها فيما بَيَّنَتْه شرعًا, فالحقُّ واجب الإتباع, فقولهم واجب الإتباع) انتهى

وروى الإمام أحمد وغيره – بإسناد صحيح – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يَعُمَّهُم الله بعقابه).

2 – وقد قامت جماعات من الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لذلك وصفهم الله تعالى بأنها خير أمة, فقال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ). آل عمران (آية:110).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير