11 - وقال الإمام النووي في كتابه (تهذيب الأسماء واللغات):
(وأما تابعو التابعين ومَنْ بعدهم .. فلهم فى أنفسهم فضائلُ ظاهرة، وفى حفظ العلم آياتٌ باهرة، .. وفى الحديث الآخر: " يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُولُه ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
وهذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم - بصيانة العلم وحفظه وعدالة ناقليه، وأن الله تعالى يُوَفِّقُ له فى كل عصر خلفاءَ مِنَ العدول يحملونه وينفون عنه التحريف وما بعده فلا يضيع، وهذا تصريح بعدالة حامليه فى كل عصر، وهكذا وقع ولله الحمد، وهذا من أعلام النبوة، ولا يضر مع هذا كونُ بعض الفساق يعرف شيئًا من العلم، فإن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه؛ لا أن غيرهم لا يعرف شيئًا منه). انتهى
قلتُ:
والحديث الذي استشهد به الإمام النووي قال عنه الحافظ ابن حجر:
(قال مهنأ: قلت لأحمد: حديث معان بن رفاعة: كأنه كلام موضوع. قال: لا , بل هو صحيح). انتهى
وذكره الخطيب البغدادي في كتابه " شرف أصحاب الحديث " عن مُهَنَّى - وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى -، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ - يَعْنِي ابْنَ حَنْبَلٍ - عَنْ حَدِيثِ مَعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ .. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ , يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْجَاهِلِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْغَالِينَ "
فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ: كَأَنَّهُ كَلامٌ مَوْضُوعٌ. قَالَ: لا، هُوَ صَحِيحٌ. فَقُلْتُ لَه: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ). انتهى
قلتُ:
فالإمام أحمد قد صحح الحديثَ, ونَعْلَمُ جميعا أن الإمام أحمد هو إمام أئمة الجرح والتعديل, وهو إمام علم علل الحديث. وقد صححه أيضا الشيخ الألباني في " مشكاة المصابيح ".
وقد صرح الإمام النووي بأن مضمون هذا الحديث قد تحقق في الواقع؛ حيث قال:
(وهكذا وقع ولله الحمد، وهذا من أعلام النبوة). انتهى
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[16 - 01 - 07, 03:48 ص]ـ
المطلب الرابع: تصريح الإمام الشافعي بوجوب اتباع القول الواحد الذي بَلَغَه عَمَّن سبقوه.
ننقل لكم كلمات للإمام الشافعي, تُكتب بماء الذهب:
1 - قال الإمام الشافعي في كتابه (الرسالة) في أصول الفقه, في باب (الإجماع):
(فقال لي قائل: .. فما حُجَّتُكَ في أنْ تَتْبَعَ ما اجتمع الناس عليه مما ليس فيه نصُّ حُكْمٍ لله, ولَمْ يَحْكُوه عن النبي؟ أتزعم ما يقول غيرك أنَّ إجماعهم لا يكون أبدا إلا على سُنَّة ثابتة وإنْ لَمْ يَحْكُوها؟
فقلتُ له – القائل هو الشافعي-: أما ما اجتمعوا عليه فذكروا أنه حكاية عن رسول الله, فكما قالوا, إن شاء الله.
وأمَّا ما لَمْ يَحُكوه فاحتمل أن يكون قالوا حكاية عن رسول الله واحتمل غيره .. نقول بما قالوا به اتباعا لهم. ونَعلَمُ أنهم إذا كانت سُنَن رسول الله لا تَعْزُبُ عن عامَّتِهِم, وقد تَعْزُبُ عن بعضهم. ونعلم أن عامَّتَهم لا تجتمع على خلافٍ لِسُنَّة رسول الله ولا على خطأ ..
قال: فما معنى أمر النبي بلزوم جماعتهم؟ ..
قلتُ – القائل هو الشافعي -: لا معنى له إلا واحد .. فلم يكن لِلُزُوم جماعتهم معنًى إلا ما عليهم جماعتُهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما.ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم, ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أُمِرَ بلزومها, وإنما تكون الغفلة في الفُرقة, فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافةً غفلة عن معنى كتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا قياسٍ). انتهى
قلتُ:
وهذا نص صريح من الإمام الشافعي يُوجِبُ فيه اتباع القول الواحد الذي بلغه عَمَّن سَبَقُوه من أهل العلم. ويُصَرِّحُ بأنَّ اتباع هذا القول هو عَيْن ما أُمِرْنَا به من لُزُوم جماعة المسلمين, سواء حَكوا في ذلك سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم, أو لم يَحْكُوا.
وإليكم أيضا كلامه التالي:
2 - قال في (الرسالة) , في باب (أقاويل الصحابة):
(فقال: .. أرأيتَ أقاويل أصحاب رسول الله إذا تَفَرَّقوا فيها؟
فقلتُ – القائل هو الشافعي -: نَصِيرُ منها إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الإجماع, أو كان أَصَحَّ في القياس). انتهى قلتُ:
¥