وهو أن تخلف أفراد القاعدة أو الأصل حال التطبيق لا يقدح في تقرير القاعدة أو الأصل، بمعنى أننا إذا اتفقنا على أصل من الأصول، واتفقنا على أن هذا الأصل حجة، فحينئذ لا يقدح في ذلك أن يخطئ بعض الناس في تطبيقه لغياب بعض أفراده، ولا يؤثر في القاعدة أن يغيب عنه من العلم شيء يؤثر في حكمه.
بيان ذلك بالنظر إلى الأصول المتفق عليها، فمثلا من المعلوم أن السنة لا يحيط بها أحد من أهل العلم، ومع ذلك فالعالم مطالب قطعا بما وصل إلى علمه منها، ولا يمكن أن يطالب بما غاب عن علمه، مع أننا نقطع بأنه من المحتمل أن يكون الذي غاب عنه هو الصواب الذي لا محيد عنه، ومع ذلك فنحن نوجب عليه أن لا يقول به؛ لأنه لا يعلمه، ويجب على من وصله أن يقول به لأنه يعلمه.
ويَنظُر إلى هذا التأصيل ما ورد في الأثر (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)، والمعنى أنه أصاب اتفاقا، ولكنه أخطأ في الوسيلة، وضل في المنهج الذي اتبعه، فالمنهج خطأ سواء أصاب في النتيجة أو أخطأ.
فالمقصود من الكلام بيان الطريق إلى التأصيل والوسيلة إلى المنهجية، وليس المقصود موافقة الواقع في نفس الأمر؛ فالعامي المقلد مثلا إذا استفتى العالم فأجابه بأن هذا حرام فإنه يجب عليه أن يطيعه في هذا الكلام، وإن كان في حقيقة الأمر حلالا، والذي يعتقد أن القبلة أمامه يحرم عليه أن يصلي متجها للخلف، وإن كانت القبلة في تلك الجهة على الحقيقة.
فكذلك هنا يجب على أهل العلم أن يقولوا بما وصلهم من العلم، ولا يتكلفوا النظر في أقوال بدَعْوَى أنها لعلها قيل بها ولم تصلنا، فإن هذا كمن يحتج بحديث لأنه لعله لم يصلنا!!، ومن يَرُدُّ حديثا بناسخ لأنه لعله لم يصلنا!!، ولا شك في بطلان هذه الأقوال!!
ولكن إن فرض وثبت لغيرهم أن هذه الأقوال قيلت حقا ووصلت إليهم، وقامت البينة عندهم على صحة هذه الأقوال، فلا إشكال حينئذ في القول بها؛ لأن الخطأ هنا في تطبيق القاعدة وليس في القاعدة نفسها؛ لأننا عرفنا حينئذ أننا لم نجمع كل الأقوال ولم نحط بجميعها علما.
وقد استمر عمل السلف والخلف من أهل العلم على هذه القاعدة، فكان الإمام أو الفقيه يعمل بالنص أو بالدليل ما لم يعلم ما يخالفه، فإن علم ما يخالفه رجع إلى القول به، فهو في الحالة الأولى متبع للطريق القويم والمنهج المستقيم، وفي الحالة الثانية كذلك أيضا، فالقواعد سالمة والمنهج مطرد، ولكن النتيجة اختلفت بحسب أفراد الأدلة.
أرجو أن يكون كلامي واضحا، والله الموفق.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[28 - 01 - 07, 08:56 ص]ـ
: (أجمع علماء المسلمين على تحريم كذا وكذا).
أو: (أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم على تحريم كذا)
أو: (أجمع أهل العلم على أن معنى هذه الآية – أو الحديث - هو كذا).
الإجماع حجة فيما ليس فيه نص لا من كتاب و لا سنة
وددت لو أنك ذكرت لي " فقط " خمس مسائل خالية من نص فيها أجمع عليها علماء الأمة بلا مخالف.
هذا شيء الشئ الثاني كيف يوجه قول ابن مسعود الثابت عنه بسند صحيح: الجماعة هي الحق و إن كنت وحدك؟ فهو ظاهر في تجويز مخالفة الجماعة عند استيقان الحق بوسيلة شرعية.
و قول اسحاق ابن راهويه عندما قيل له بأن أحمد قال بمثل ما قلت فقال: لم أظن أن يتابعني على قولي أحد؟
و قول النبي صلى الله عليه و سلم: يدرس الاسلام كما يدر س وشي الثوب فلا يعرف صلاة و ... الحديث.
كيف يدرس إن كان كل عصر لا يخلو من ناطق بالحق؟!
بارك الله فيك شيخنا
ـ[ابو سندس المصري]ــــــــ[23 - 02 - 07, 09:01 م]ـ
جزاكم الله خيرا بحث ممتاز وفقك الله لطاعته
ـ[ياسر المؤذني]ــــــــ[28 - 07 - 07, 07:43 م]ـ
السلام عليكم ورخمة الله وبركاته
الي مشايخي واساتذتي الكرام هل من يدلنا على معنى الزنديق لغة واصطلاحا ومتى ضهر هذا المصطلح مع فائق شكري ووافر احترامي
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 08, 12:37 م]ـ
الحمد لله وحده ..
فما ذهب إليه صاحب الموضوع من كون مجرد عدم العلم بالمخالف يُعد إجماعاً قطعياً =هو رأي ضعيف جداً لم يقل به واحد من السلف الصالح ولا الأئمة الأربعة فيما أعلم ..
والمسألة التي أثارها بعدُ وهي كون الشافعي وغيره لا يخرجون عن القول الذي يبلغهم =أخص من التقرير الذي يُقرره .. وسنبحث ذلك معه أيضاً ولكنا نطالبه بتصحيح هذا التقرير الذي في عنوان الموضوع أولاً ..
ولترتيب الكلام معه ومع من يوافقه (فأيهم شاء الإجابة أجاب) نسألهم:
هل تزعمون أن السلف والأئمة الأربعة أو واحداً منهم كانوا يقولون: بإن مجرد عدم العلم بالمخالف= إجماع قطعي (؟؟)
فإن كنتم تزعمون ذلك فائتونا بأثارة من علم عليه ...
وأرجو أن يصبر من يزعم إنه الحق ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 08, 12:52 م]ـ
نسيتُ أن أشكر الفاضل أبا إسلام على هذه الفرصة التي أتاحها لنا لبيان الحق الذي معنا والخطأ الذي مع غيرنا .. ونرجو منه أن يكون محاوراً منصفاً واسع الصدر كما عهدناه وأن يبرأه الله من طرائق قوم آخرين ..
¥