تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[19 - 02 - 07, 12:28 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

أما كون النسيان يكون بمعنى عدم الذكر وبمعنى الترك في لغة العرب فصحيح ومن ذلك قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه وإضاعته وترك ذكره كما قال ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.

لكن الترك عمدا غير داخل في معنى النسيان هنا للقرائن _كما قال ابن القيم في حكم تارك الصلاة _ ومن ذلك:

1 / أنه قال: " فليصلها إذا ذكرها " وهذا صريح في ان النسيان في الحديث نسيان سهو لا نسيان عمد وإلا كان قوله: " إذا ذكرها " كلاما لا فائدة فيه فالنسيان إذا قوبل بالذكر لم يكن إلا نسيان سهو كقولهتعالى: {واذكر ربك إذا نسيت}.

2 / أنه قال: " فكفارتها ان يصليها إذا ذكرها " ومعلوم أن من تركها عمدا لا يكفر عنه فعلها بعد الوقت إثم التفويت هذا مما لاخلاف فيه بين الامة ولا يجوز نسبته إلى رسول الله إذ يبقى معنى الحديث من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها فكفارة إثمه صلاتها بعد الوقت وهذا قول شنيع.

3 / أنه قابل الناسي في الحديث بالنائم وهذه المقابلة تقتضي أنه الساهي كما يقول جملة أهل الشرع النائم والناسي غير مؤاخذين.

4 / أن الناسي في كلام الشارع إذا علق به الاحكام لم يكن مراده لا الساهي وهذا مطرد في جميع كلامه كقوله: " من اكل او شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه.

وأما مسألة قضاء المتعمد ما تركه بعد خروج الوقت وهل يقاس العامد على الناسي والنائم فهذه مسألة خلافية وقد اختلف فيها على قولين مشهورين:

الأول: أن يقضي ما تركه عامدا وهو قول الجمهور من الأئمة الأربعة وأتباعهم وانتصر لهذا القول ابن عبد البر في الاستذكار وذكر أدلته.

ولهم أدلة ذكر ابن القيم منها:

1 / الحديث المذكور: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها "

قالوا: فإذا وجب القضاء على النائم والناسي مع عدم تفريطهما فوجوبه على العامد والمفرط أولى.

2 / قالوا ولأنه كان يجب عليه أمران الصلاة وإيقاعها في وقتها فإذا ترك أحد الأمرين بقي الآخر

3 / قالوا ولأن القضاء إن قلنا يجب عليه بالأمر الأول فظاهر وإن قلنا يجب عليه بأمر جديد فأمر النائم والناسي به تنبيه على العامد كما تقدم

4 / قالوا: ولأن مصلحة الفعل إن لم يمكن العبد تداركها تدارك منها ما أمكن وقد فاتت مصلحة الفعل في الوقت فيتدارك ما أمكن منها وهو الفعل في خارج الوقت.

5 / قالوا وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " وهذا قد استطاع الإتيان بالمأمور خارج الوقت وقد تعذر عليه الإتيان به في وقته فيجب عليه الإتيان بالمستطاع.

6 / قالوا: وكيف يظن بالشرع أنه يخفف عن هذا المتعمد المفرط العاصي لله ورسوله بترك الوجوب ويوجبه على المعذور بالنوم أو النسيان

7 / قالوا: ولأن الصلاة خارج الوقت بدل عن الصلاة في الوقت والعبادة إذا كان لها بدل وتعذر المبدل انتقل المكلف إلى البدل كالتيمم مع الوضوء وصلاة القاعد عند تعذر القيام والمضطجع عند تعذر القعود وإطعام العاجز عن الصيام لكبر أو مرض غير مرجو البرء عن كل يوم مسكينا ونظائر ذلك كثيرة في الشرع.

8 / قالوا: ولأن الصلاة حق مؤقت فتأخيره عن وقته لا يسقط إلا بمبادرته خارج الوقت كديون الآدميين المؤجلة.

9 / قالوا: ولأن غايته أنه أثم بالتأخير وهذا لا يسقط القضاء كمن أخر الزكاة عن وقت وجوبها تأخيرا أثم به أو أخر الحج تأخيرا ثم به.

10 / قالوا: ولو ترك الجمعة حتى صلاها الإمام عمدا عصى بتأخيرها ولزمه أن يصلى الظهر ونسبة الظهر إلى الجمعة كنسبة صلاة الصبح بعد طلوع الشمس إلى صلاتها قبل الطلوع.

11 / قالوا: وقد أخر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلاة العصر يوم الأحزاب إلى أن صلاها بعد غروب الشمس فدل على أن فعلها ممكن خارج الوقت في العمد سواء كان معذورا به كهذا التأخير وكتأخير من أخرها من الصحابة يوم بنى قريظة إلى بعد غروب الشمس أو لم يكن معذورا به كتأخير المفرط فتأخيرهما إنما تختلف في الإثم وعدمه لا في وجوب التدارك بعد الترك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير