تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما ترك الناس في هذه الأزمنة أو طلاب العلم تركوا هذه الضوابط والقواعد أصبحوا يتجادلون ويطول الجدال ولا تخرج بفائدة، كل يتكلم وكل يجادل ولا تخرج بفائدة كلام كثير قليل النفع والسلف-رحمهم الله- تجد العالم يتكلم عن أكثر من خمسة عشر مسألة في صفحة واحدة، في صفحة واحدة يأتي بكلام مختصر يكتب بماء الذهب لو أردت أن تحلل هذا الكلام لاستطعت أن تؤلف فيه مجلدات، يأتي ويقول: احتج-رحمه الله- بالعموم في قوله -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ} (1) وأجيب بأنه مخصص، هذه مسألة كاملة مسألة كاملة يمكن في سطر واحد، احتج بعموم {فَمَنْ تَمَتَّعَ} فيشمل المكي وغير المكي، وأجيب بأن عمومه مخصص في آخر الآية عند الحنفية-رحمهم الله- إن شئت تأخذ بالعموم له أصل من الدلالة، وإن شئت تأخذ بالخصوص له قرينة في سياق الآية إن أضعفت القرينة رجحت العموم تناقش تستدل بوجه دلالة منضبط وتناقش في حدود واضحة، أما الآن تجد الشخص يتكلم بالدليل يأتي بحديث ثم بعد ما ينتهي من الحديث يقول يجب اتباع السُّنة {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (2) ويجلس يتكلم نصف ساعة عن حجية السنة أنا لا أختلف معك أن السنة حجة، أنا أختلف هل هذا الدليل يدل أو لا يدل؟ وإذا كان يدل عندنا مراتب للسلف في الدلالة من أي أنواع هذه المراتب؟ أنت تتكلم بدليل وتحتج بدليل قرر لي على كلام السلف والأئمة عندها يكون علم الإنسان واضحاً فقهه واضحاً وعلمه أميناً لأنه يأخذ من كلام السلف ومن كلام الأئمة-رحمهم الله- ما يأتي بشيء من عنده، ولن تستطيع أن تحكم للشخص بعلمه أو تعرف علم العالم إلا إذا وجدته متقيداً بهدي السلف الصالح-رحمهم الله- يأخذ من حيث أخذوا ويقف حيث وقفوا ويصدر من حيث صدروا بهذا المعين الصافي الذي كان السلف الصالح-رحمهم الله- يبينون فيه حكم الله وروسوله-عليه الصلاة والسلام- في المسائل والنوازل عندها يجد الإنسان علماً واضحاً بينا.

أما الاستدل بالأدلة التي هي أعم من موضع النزاع والإغراق في الدلالات الخفية، بعض الأحيان هناك دلالة تسمى عند العلماء استئناس يعني ما هي دلالة تجد الشخص إذا جاء بآية أو تجد بعض المتأخرين يأتي بآية ويتكلم لها كلاماً جميلاً ويصورها تصويراً جميلاً فتجد الناس يقولون ما شاء الله هذا هو العالم هكذا يكون العلم! وهذا من أضعف أنواع الاستدلال، وقد تجده حتى في بعض الأحيان في قول على الله بدون علم. السلف-رحمهم الله- الآن لو جئت تجمع تفسير ابن عباس-رضي الله عنهما- لا يجاوز مجلداً واحداً في بعض الأحيان تجد العالم من أئمة السلف في تفسير القرآن لا يجاوز مجلداً واحداً لأنهم ما كانوا يتكلمون على مناسبة الآيات ولا مناسبة السور ولا كانوا يوردون الأسئلة ولا الإشكالات ولا الجوابات كانوا يتكلمون في حدود الدليل وحدود العلم الذي ورثوه فكان علمهم قليلاً مباركاً تجد العالم يتكلم عن معنى الآية في حدود دلالتها ما يزيد عليها ولا ينقص، وتجد الرواية عن ابن عباس عن ابن عمر عن ابن مسعود-رضي الله عن الجميع- عن زيد بن ثابت في تفسير الآية الكريمة كلمة واحدة سند كامل يستغرق بعض الأحيان ربع صفحة وهو مكرر بالروايات كله من أجل كلمة واحدة في تفسير الآية، وقد تجد شخصاً يجلس يفسر الآية ساعات؛ لكن أولئك قوم وقفوا بين الجنة والنار وقوم شُخصت لهم الآخرة فهم يحسون أنهم مؤتمنون على دين الله ويحسون بواجب النصيحة لأمة محمد-صلى الله عليه وسلم- فأعطوا ما سمعوه وأدوا ما حفظوه دون زيادة ولا نقصان-فرحمة الله على تلك الأرواح الصالحة، وتلك الأمة الصافية النقية التي زكت بصلاحها وخوفها من ربها، ونسأل الله العظيم أن يرزقنا حسن التأسي بهم، وألا يخالف بنا عن سبيلهم إنه ولي ذلك والقادر عليه -، والله - تعالى - أعلم

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[13 - 05 - 07, 07:51 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير