قال أبو علي الكوهن الفاسي المغربي المتوفى سنة 1347 هجري في كتابه طبقات الشاذلية الكبرى: ((أبو العباس سيدي أحمد البدوي، فارس الأولياء بالديار المصرية والجزائر القبرصية، المعروف بالأستاذ أبي الفتيان الحسيني النسب الطاهر الحسب، العلوي الملثم، المعتقد المعروف المشهور بالبدوي لكثرة ما كان يتلثم)) [ص 66].
ونجد أن الفاسي هذا ذكر فائدة جديدة لم يذكرها أحد قبله وهي أنه البدوي حسيني أي ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ففي القرن الثامن كان البدوي من قبيلة بني بري ن قبيلة من عرب الشام، وفي القران الرابع عشر الهجري صار البدوي حسينيا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وحتى يثبتوا نسب البدوي لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم اخترعوا قصة مخاطبه للنبي صلى الله عليه وسلم بالشعر ورد النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر قال الكوهن الفاسي في طبقات الشاذلية الكبرى: ((وحج وزار جده صلى الله عليه وسلم، ولما وقف تجاه الروضة المطهرة أنشأ يقول:
إن قيل زرتم بما رجعتم ** يا أكرم الرسل ما نقول
فرد عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بحضرة الشهود:
قولوا رجعنا بكل خيرا ** واجتمع الفرع بالأصول
إلى آخر القصيدة المعروفة المتداولة بين المتصوفة)) [ص 67].
فالشاهد افترائهم على النبي صلى الله عليه وسلم: ((واجتمع الفرع بالأصول))، والله سبحانه وتعالى يقول: ((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ)) [يس: 69]، والصوفية يجعلون النبي صلى الله عليه وسلم يقول الشعر ليثبتوا نسب البدوي لآل البيت الكرام.
بقيت نقطة مهمة في هذا المبحث و هي أن المؤرخين الذين هم أقرب عهدا من هؤلاء لم يذكروا البدوي الأسطورة فهذا الإمام الذهبي المتوفى سنة 748 لم يذكره في كتبه مثل تاريخ الإسلام والعبر،، وكذلك ابن الوردي المتوفى سنة 749 هجري لم يذكره في تاريخه وهو يذكر بعض الأعيان في نهاية كل سنة، وكذلك ابن كثير المتوفى سنة 774 هجري لم يذكره في تاريخ البداية والنهاية، وهو يذكر وفيات المشاهير في نهاية كل سنة، وكذلك الملك المؤيد أبو الفداء المتوفى سنة 732 هجري لم يذكره في تاريخ المسمى المختصر في أخبار البشر.
فهذا يدل على أحد أمرين، فالأول أن البدوي لم يكن من المشاهير، ولم تعرف عنه تلك الحكايات والأساطير التي يحكيها المتصوفة عنه فكان مجرد رجل عادي من عامة المسلمين أو أنه على أقل تقدير أنه أحد الصالحين الأتقياء الأخفياء ولم يظهر في حياته ما يجعل له صيت عال فلم يعرفه مؤرخو الإسلام وهم الأقرب إلى عصره، وعرفه متأخري الصوفية.
أما الاحتمال الآخر فهو أنه لم يكن في ذلك الزمان رجل أسمه أحمد البدوي، وإنما هذه أسطورة من اختراع الصوفية أو المنتفعين من سدان الأضرحة، والله تعالى أعلم
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[12 - 04 - 08, 10:03 ص]ـ
من الكلام السابق يتضح:
1 - تضارب الأخبار حول مكان ولادة البدوى ونسبه.
أ-قال ابن الملقن المولود سنة 723 هجري، والمتوفى سنة 804 هجري فقال: ((الشيخ احمد البدوي، المعروف بالسطوحي، اصله من بني برى، قبيلة من عرب الشام))
ب- ترجم له جلال الدين الاتابكي المولود في سنة 813 هجري، والمتوفى سنة 874 هجري في كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة فقال: ((وفيها توفي الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان أحمد بن علي بن إبراهيم [بن محمد] بن أبي بكر المقدسي الأصل البدوي المعروف بأبي اللثامين السطوحي. مولده سنة ست وتسعين وخمسمائة، وتوفي في سنة خمس وسبعين في شهر ربيع الأول، ودفن بطندتا وقبره يقصد للزيارة هناك.
ج- ترجم له شيخ الصوفية عبد الوهاب الشعراني المولود في سنة 898 هجري، والمتوفى سنة 973 هجري في كتابه الطبقات الكبرى)): مولده رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدينة فاس بالمغرب لأن أجداده انتقلوا أيام الحجاج إليها حين أكثر القتل في الشرفاء))
¥