* وآخرين يحرصون على التبرك، ومنهم البسطاء والفقراء والأغنياء، الأميون والمثقفون، ويرى هؤلاء أنه إذا لم يتمكنوا من الحضور لأي سبب، سواء أكان بإرادتهم أو رغماً عنهم، فسيصيبهم أذى أو ضرر، ويعتقدون أن الزيارة ستفتح أبواب الرزق أمامهم، بل وتغمرهم بسعادة بالغة.
* ومنهم من كان مريضاً جاء لطلب الشفاء، أو من كانت عاقراً وعقيماً تأمل في تحقيق أملها بإنجاب طفل.
* وفريقاً آخر يبحث عن الترفيه والسياحة وقضاء وقت ممتع، وهم الفئة الشبابية.
* وهناك نمط آخر من الزوار يهدف للتسويق والتجارة سواء بالبيع أو الشراء. (12)
زوار المولد والحج لقبره:
أما زوار المولدفوصل عددهم عام 1996م حوالي 3 ملايين زائر (13)، وقيل أربعة ملايين (14) وهذا يظهر أن عددهم يزيد عن زوار البيت الحرام (قد يستغرب البعض العدد وإذا عرفنا من زار قبر القنائى فى قنا جنوب مصر العام الماضى مليونين (2007) وهو أقل شهرة من البدوى وفى أقصى الجنوب).
بما أن زواره فاقوا عدد زوار بيت الله الحرام فيعتبرون من زار ضريحه فقد حج يقال له: الحاج فلان، ولذلك ترى بعضهم عندهم كتب مكتوب على الغلاف مناسك حج المشاهد، مناسك حج القبور، يعني: يقال في الشوط الأول حول قبر البدوي كذا وكذا، وفي الشوط الثاني كذا وكذا وهكذا، وعند الدخول على القبر كذا وكذا، وعند قبر الحسين كذا وكذا، وهذا من الشرك العظيم الذي وقعت فيه هذه الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله. (15).
على ذلك فليس بمستغرب أن يقول السخاوي: "جاء الحُجاج هذه السنة لسيدي أحمد البدوي من الشام وحلب ومكة، أكثر من حجاج الحرمين! " (16).
صندوق النذور (الصندوق الأسود) وسندته:
أحياؤنا لا يرزقون بدرهم ... وبألف ألف يرزق الأموات
من لي بحظ النائمين بحفرة ... قامت على أحجارها الصلوات
وفى هذا الجانب يظهر لماذا إلى الآن هذه الموالد مازالت مستمرة وترعاها الأوقاف ويحدث كل الفساد والشرك ولا يحرك أحد ساكنا
فصناديق النذور شكّلت وعاءً استثمارياً مهماً لمروجي الخرافة، و (مما يوضح أهمية هذا المورد بالنسبة للمجلس الصوفي وكافة الطرق التابعة له أيضا: الموقف الشديد الذي وقفوه ضد المفتي (لا يقصد المفتى الحالى) حين أصدر فتوى شرعية ببطلان النذور شرعاً، واعتبار الباب الثالث من لائحة الطرق الصوفية الذي يقر ويبيح هذه النذور مخالفاً للشرع والدين ...
وإلى جانب النذور الصدقات التى تدفع لهم من الأغنياء،وكذلك الاحتيال على السذج المعتقدين في هذه الأضرحة، فعند تغيير كسوة الضريح وعمامة الولي يمزقون الكسوة والعمامة القديمتين إلى قصاصات صغيرة، وهنا (تظهر العملية التجارية غير الرسمية التي يقوم بها خدم المسجد، فيبيعون هذه القصاصات نظير
مبالغ كبيرة)، وبالطبع يتم ذلك وسط تهافت هؤلاء المعتقدين في الأضرحة للحصول على أي بركة من (ريحة) الولي .. وربما لأجل مثل هذه النشاطات وغيرها ذكر الجبرتي عن سدنة الأضرحة أنهم أغنى الناس!. (17)
أما صندوق النذور (الصندوق الأسود) بلغت حصيلته في إحدى السنوات إلى قرابة أربعة ملايين جنيه مصري (18).
خدام وسندة الضريح:
يتحدث الدكتور زكريا سليمان بيومي عن أهمية فئة خدام الأضرحة باعتبارها مركز ثقل دعائي واقتصادي للطرق الصوفية فيقول: ( ... فئة خدام الأضرحة، التي تشكل أكبر فئة من حيث العدد والأهمية الاجتماعية والاقتصادية بالنسبة للطرق الصوفية، فهم بمثابة مراكز متناثرة في كل مصر لنثر أساليب هذه الطرق والدعوة لها، ويروجون للاعتقاد في الأولياء بكل مراتبهم، ويكثرون من ذكر كراماتهم وخوارقهم، مدفوعين إلى ذلك بدافع الانتماء للطرق من خلال عملهم، وبدافع أساسي وهو أن هذه الأضرحة تمثل مصدر معيشتهم ... وكانت هذه
الأضرحة تستوعب عدداً كبيراً من الخدم، فمن الممكن أن نجد أسرة كاملة تخدم في ضريح واحد، ولم تكن هذه الوظيفة مقصورة على الفقراء والمحتاجين، بل كانت لما تدره من دخل كبير مغرية لفئات متعددة؛ فنجد مشايخ طرق كبيرة يسعون لهذه الوظيفة، بل ويفضلونها أحياناً على مشيخة الطرق .. ).
¥