وثلاثة عشر ألف دار، حاشى دور الوزراء وأكابر الناس والبياض، وعدد أرباضها ثمانية
وعشرون، وقيل أحد وعشرون؛ ومبلغ المساجد بها ثلاثة آلاف وثمان مائة وسبعة وثلاثون
مسجداً؛ وعدد حمامات المبرزة للناس سبع مائة حمام، وقيل ثلاث مائة؛ ووسط الأرباض
قصبة قرطبة، التي تختص بالسور دونها.)
انتهى
(
وقد أبعدنا عمّا كنّا بصدده من ذكر قرطبة أعادها الله للإسلام، فنقول: قال بعض من أرّخ
الأندلس:
انتهت مساجد قرطبة أيّام عبد الرحمن الداخل إلى أربعمائة وتسعين مسجداً، ثم زادت
بعد ذلك كثيراً كما يأتي ذكره.
وقال بعضهم: كانت قرطبة قاعدة الأندلس، وأم المدائن، وقرارة الملك، وكان عدد شرفاتها
أربعة آلاف وثلاثمائة، وكانت عدّة الدور في القصر الكبير أربعمائة دار ونيّفاً وثلاثين، وكانت
عدّة دور الرعايا والسّواد بها الواجب على أهلها المبيت في السور مائة ألف دار وثلاثة
عشر ألف دار، حاشا دور الوزراء وأكابر الناس والبياض.
ورأيت في بعض الكتب أن هذا العدد كان أيام لمتونة والموحّدين، قال: وكانت ديار أهل
الدولة إذ ذاك ستة آلاف دار وثلاثمائة دار، انتهى.
وعدد أرباضها ثمانية وعشرون، وقيل: واحد وعشرون، ومبلغ المساجد بها ثلاثة آلاف
وثمانمائة وسبعة وثلاثون مسجداً، وعدد الحمّامات المبرزة للناس سبعمائة حمّام: وقيل
ثلاثمائة حمّام.
وقي بعض التواريخ القديمة: كان بقرطبة في الزمن السالف ثلاثة آلاف مسجد وثمانمائة
وسبعة وسبعون مسجداً - منها بشقندة ثمانية عشر مسجداً - وتسعمائة حمّام وأحد
عشر حمّاماً، ومائة ألف دار وثلاثة عشر ألف دار للرعية خصوصاً، وربما نصف العدد أو
أكثر لأرباب الدولة وخاصتها، هكذا نقله في المغرب، وهو أعلم بما يأتي ويذر، رحمه الله
تعالى.
وقال بعض المؤرخين - بعد ذكره نحو ما تقدّم -: ووسط الأرباض قبّة قرطبة التي تحيط
بالسور دونها، وأمّا اليتيمة التي كانت في المجلس البديع فإنّها كانت من تحف قصر اليونانيين
بعث بها صاحب القسطنطينية إلى الناصر مع تحف كثيرة سنية، انتهى.
ونحوه لابن الفرضي وغير واحد، لكن خالفهم صاحب المسالك والممالك فذكر أن عدد
المساجد بقرطبة أربعمائة مسجد وأحد وسبعون مسجداً، وهو بعيد، وقال قبله: إن دور
قرطبة في كمالها ثلاثون ألف ذراع،)
(
وقال بعض العلماء: أحصيت دور قرطبة التي بها وأرباضها أيام ابن أبي عامر فكان مائتي
ألف دار وثلاثة ألف دار وسبعاً وسبعين داراً، وهذه دور الرعيّة، وأمّا دور الأكابر
والوزراء والكتّاب والأجناد وخاصّة الملك فستّون ألف دار وثلاثمائة دار، سوى مصاري
الكراء والحمّامات والخانات، وعدد الحوانيت ثمانون ألف حانوت وأربعمائة وخمسة
وخمسون، ولما كانت الفتنة على رأس المائة الرابعة غيرت رسوم ذلك العمران، ومحيت آثار
تلك القرى والبلدان، انتهى ملخّصاً. وسيأتي في رسالة الشّقندي ما هو أشمل من هذا.
)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[28 - 04 - 08, 03:23 ص]ـ
"و أين يوجد حتى في هذا العصر الحديث ملك مثل الحكم الثاني الذي كان له شغف بالعلوم حتى أنه كان له رجال يجمعون الكتب من جميع النواحي في إسبانيا و أوربا حتى صارت خزائنه الخاصة تحتوي على اقل تقدير 400.000 - و بعض المؤلفين يقول 900.000 كتاب خطي. و قد أضافوا إلى الاشعار العربية و الفارسية تراجم أشعار اليونانيين. و ترجموا بالعربية كتب أرسطو و أفلاطون و إقليدس و سائر كتب المتقدمين. و الفوا كتبا كبارا تبهر العقول في الطب و الجغرافية و الفلسفة و الفلك و الكيمياء و التاريخ. و مؤرخو ذلك العصر يريدوننا أن نعتقد أن الحكم كان عالما بمضامين الخمسمائة ألف كتاب التي كنت تشتمل عليها خزائنه. و كانت تاليفه محل الغعجاب في جميع العالم. و لم يكن مستبدا (أرستوقراطيا) من الوجهة العقلية. و أنشأ في قرطبة عشرات المدارس غير ما كان بها من قبل, و أمر أخاه " وزير المعارف", أن يسهل على جميع الناس اكتساب العلوم. و المؤلفون الذين يتجاهلون الحكم الثاني و يخوضون فيما وقع من عبد الرحمان الأول من القسوة على سبيل النذور و القلة و يفيضون في قسوة عبد الرحمان الثالث يخدعون قراء كتبهم.
و هذه الغيرة على بث العلم كانت عامة في ملوك المغربيين. و نظام التعليم عندهم يذكربما كان من ذلك في رومية الوثنية و يبشر بنظام التعليم في هذا الزمان. و كان ذلك واديا خصيبا في صحراء الجهل الكبرى التي امتدت من القرن الرابع إلى القرن التاسع عشر لأن النصارى الإسبانيين خربوا مدارس الأمة كما فعل أسلافهم النصارى. و سكوت الذي هو أقوى برهانا و أكثر تفصيلا أخبرنا مرارا أن المعارف كانت منتشرة في جميع الطبقات:" كان في كل قرية مدارس كافية لحاجة أهلها و كان التعليم فيها قائما على أفضل التسهيلات و أنفعها كل الاطفال الذين قعد بهم العدم عن التعلم كانت الحكومة تعتني بهم و تؤسس لهم مدارس مجانية على نفقتها" (الفصل الأول ص 495).
لم تكن هناك قرية, و إن كانت صغيرة جدا, داخل حدود المملكة قد حرمت من بركات التعليم, و كان التعليم عاما يتمتع به حتى أولاد أحقر الفلاحين. (الفصل الثالث ص497).
و على هدا نقول أنه يتعذر أن يوجد فلاح أندلسي لا يعرف القراءة و الكتابة في حين كان ملوك بقية أوروبا لا يقدرون أن يكتبوا أسماءهم في توقيعاتهم و كذلك أشرف الروم من أعلى الطبقلت لم يكونوا يقتدرون على القراءة و الكتابة و تسع و تسعون في مل ملئة من أهل الممالك النصرانية كانوا أميين تماما. و كانوا على غاية من الجهل لا يمكن تصورها. أضف إلى ذلك أن المعارف عند الموركان أوسع بكثير جدا مما كان في رومية الملكية. و كان لهم من الغيرة على العلوم مثل ما كان لهم من الغيرة على الشعر.
و كانوا يعتنون بالتعليم العالي و يعضدونه أكثر من التعليم الإبتدائي. فقد كان في قرطبة ثمانمائة مدرسة. و كان التلامذة يأتون من أقاصي الأرض ليتعلموا فيها و كانت للفقراء منهم دور إقامة أعدتها الحكومة مجانا لهم, و لهم فيها أرزاق من بيت مال الدولة تقوم بحاجتهم من طعام و شراب و لباس و كانوا يعطون زيادة على ذلك شيئا من الدراهم معلوما لكل واحد منهم.¨
ص 84 - 85
¥