بعد التقاء جيشي خوان النمساوي و دوق دي سياسة في سهل البدول, اتجها جنوبا إبى أندرش حيث و صلا في شهر مايو. و توجهت من أندرش كتائب بقيادة دوق دي سياسة لإخضاع حصون كمبيتة و مارو و نرجة و برجة و قمارش و كوثر و بني مرغوشة, فاحتلوها و نقلوا أهلها الذين سلموا من القتل و الإسترقاق إلى قشتالة. و تتابعت المعارك في منطقة رندة غربا, و حرر المجاهدون حصن الحصينة و قصر بنيرة, و حاصروا أربوطو في الجبل الأحمر. فتوجه إليهم جيش يقيادة دوق دي أركش دخل معهم في معارك أدت إلى انهزامهم و استسلامهم في 20 - 9 - 1570م.
و أمام هذه الإنهزامات المتواصلة, و يأس المجاهدين من أي عون فعال من العثمانيين و السعديين, افترق المجاهدون بين ثلاثة أراء: منهم من اثر الجهاد إلى الإستشهاد, مفضلا ذلك عن الإستسلام و ما يتبعه من تنصير و استرقاق أو الموت ذلا تحت سلكة الأعداء, و كان ابن عبو على رأس هذا الفريق. و منه ممن رأى عدم جدوى متابعة الجهاد و رجح التفاوض مع النصارى للإستسلام بأفضل الشروط الممكنة, و كان فراندو الحبقي على رأس هذا الفريق. و منهم من اثر الهجرة بنفسه و أهله إلى السواحل الجزائرية و المغربية و الخروج من الجحيم الذي هم فيه, فعبر البحر منهم عدد كبير منذ فبراير 1570م.
تفاوض الحبقي مع الملك الإسباني
و في 5 - 2 - 1570م اجتمع في مرتفعات جبل شلير هرناندو برادة, أحد و جوه وادي أش الأندلسيين, بالحبقي الذي أصبح قائدا عاما لجيوش المجاهدين بعد استشهاد ابن المليح في غليرة. دخل برادة وسيطا بين الإسبان و المجاهدين بموافقة خوان النمساوي, و عرض على الحبقي إنهاء القتال مقابل العفو العام عن المجاهدين. و تتابعت المفاوضات , فاقترح الحبقي على خوان النمساوي إفناع ابن عبو و باقي زعماء الأندلسيين بالإحتفاظ بالبشرات و التخلي عن جميع ما بيدهم من مناطق خارجها, بما فيها وادي المنصورة, و إعلان الهدنة, مقابل إعطاء الأمان على أرواح جميع المجاهدين. وافق خوان النمساوي مبدئيا على ذلك, و استصدر أمرا ملكيا بالعفو عمن يسلم سلاحه من الأندلسيين في ظرف عشرين يوما من إعلانه, شرط أن يكون عمره بين الخامسةة عشرة و الخمسين عاما, و أن يمضوي تحت قيادة و طاعة الملك فيليبيالثاني.
و يسمح القرار لكل من يستسلم بتقديم شكواه و يعد ببحثها بعناية. كما وعد القرار بإعطاء جائزة لكل من يستسلم, و إطلاق سراح شخصين من عائلته. و خكم القرار بالإعدام على من يرفض الإستسلام, عدا النساء و الاطفال دون الخامسة عشرة. و عين القرار مراكز للإستسلام تابعة لخوان النمساوي و الدوق دي سياسة. ووزعت بين الأندلسيين مناشير مزورة باسم أحد الفقهاء تدعو المجاهدين إلى الإستسلام "تخلصا من المصائب التي جرها عليهم ابن عبو". و في نفس الوقت تابع خوان النمساوي القتل و السبي بين الأندلسيين مسالمين كانوا أو محاربين.
و في هذا الجو القاتم تتابعت المفاوضات. و رفض معظم المجاهدين الإستجابة لنداء خوان النمساوي لعدم ثقتهم بوعود النصارى. و مال ابن عبو إلى التفاوض للحصول على أحسن ظروف للإستسلام, عندما عجز عن الدفاع عن قومه و تخليصهم مما أصابهم.
السلطان ابن عبو يرفض الإستسلام
أمر خوان النمساوي دون ألونسو دي غرناطة بنيغش, أحد زعماء الأندلسيين, بالكتابة إلى صديقه ابن عبو لحثه عل الإستسلام. فكتب له رسالة بتاريخ 18 - 4 - 1570م حاول فيها إقناعه بإنهاء "هذه الحروب المشؤومة", و يطلب منه إرسال وفد باسمه للتفاوض على شروط الإستسلام و المصالحة. فرد ابن عبو رسالة بتاريخ 24 - 4 - 1570م يرمي فيها مسؤولية إشعال الثورة و مأسي الحرب على القشتاليين بسبب اضطهادهم للأندلسيين و إرغامهم على التنكر لدينهم, و أكد في رسالته عدالة الجهاد, و رفض الإستسلام بدون شرط. ثم طلب ابن عبو من بنيغش الحصول على أمان من الملك للحبقي ليتفاوض مع القشتاليين باسم المجاهدين لإنهاء الحرب. و هكذا عين ابن عبو الحبقي مفاوضا رسميا باسم الثورة الأندلسية, و جعله ممثلة المؤتمن.
اتفاق الحبقي مع الإسبان على الإستسلام
¥