تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

،ولما وقفت في علم الحديث على البحر العباب والعجب العجاب سألته الإجازة فيما وقفت عليه وغيره من تصانيفه "

كما كانت تربطه علاقات طيبة بحكام عصره خاصة الباشوات و البايات العثمانين من خلال محاولاتهم للتقرب منه و طلب وده، نظرا للمكانة العلمية و الروحية التي كانت تتمتع بها الأسرة، و ما اكتسبه البوني من حب الناس و احترامهم له، فتوددوا اليه و أرسلوا له الهدايا و العطايا، و مما يجدر ذكره هنا ان الباشا محمد بكداش [و بكداش: كلمة تركية معناها الحجر الصلب] عندما كان موظفا في حكومة الباشا السابق له حسين خوجة – وهذا الباشا حسين خوجة كان صديقا للبوني ولوالده من قبله - قد نُفِيَ الى مدينة بونة، فحضر دروس الشيخ ابو القاسم البوني و تتلمذ له و قامت بينهما صداقة دامت حتى بعد تعيين محمد بكداش في أعلى هرم السلطة، وتوليه حكم (باشوية) الجزائر، حيث كانت بينهما مراسلات و سفارات، وحين فتح هذا الباشا مدينة وهران سنة 1120ه‍، بعد احتلالها من قبل الأسبان مدة ستّ ومائتي سنة، ذكر هذا الحدث أحمد البوني في درته حين قال:

وفتحتْ على يديهِ وهرانُ ... فكَملَ المَجْدُ له والبرهان

ثم أهدى اليه أرجوزة مهنِّئاً إياه فيها بفتح وهران، ولافِتَاً نظره إلى أحوال مدينة بونة (مشيرا إليها بهذي القرية)، و ما يجري فيها من مظالم و مناكر فقال:

يا حاكَم الجَزائر ... يا أنْس نَفْس الزَائرِ

أريدُ أنْ أخْبركُمْ ... أدَامَ رَبَّيِ نَصْركُمْ

بحَالِ هَذي القرْيَةِ ... بِالصّدْق لاَ بالفريةِ

قدْ صَالَ فيهَا الظَّالِمُ ... وهَان فِيهَا العالِمُ

خُرّبَتِ المسَاجِدُ ... وقلَّ فيها السَّاجِدُ

حُبُسُهَا قَدْ أسرفَا ... نَاظِرُهُ فأشْرفَا

وأهْمِلَتْ أسْعَارُها ... وبُدِّلَتْ شِعَارُهَا

والشّرْعُ فِيها باطِلُ ... والظلمُ فيها هَاطِلُ

والخَوفُ في سُبُلِهَا ... والقحط في سُنْبُلِهَا

وَكَمْ من القبَائِح ... وكَمْ من الفضائِحِ

يَضيقُ عَنها النّظمُ ... وَخارَ مِنْهَا العَظمُ

نِبكي عليها بالدمِ ... قدْ قرُبَتْ مِنُ عَدِمِ

والله قَدْ وَلاكُم ... حُكماً وقدْ عَلاكُمٌ

فداركوا الإسْلاَمَا ... ونوّروُا الظَّلامَا

وسَدِّدُوا الأحْكَامَا ... وقرِّحُوا الأنَامَا

آثاره و مؤلفاته:

ألف أحمد البوني تأليف كثيرة بلغت، كما أخبر بنفسه، أكثر من مائة تأليف، بدون المنظومات و المقطوعات. و هو الذي كتب تأليفا خاصا سماه (التعريف بما للفقير من التواليف). وقد علق عليها الدكتور أبو القاسم سعد الله – حفظه الله – في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي ج 2 فقال: " ... و من هذه التأليف ما كمل و منها ما لم يكمل، و منها الشعر و النثر، كما أن منها ما يدخل في باب الحديث و السنة و ما يتناول غير ذلك. و قد أطلعنا على بعض أعماله فكان منها القصير الذي لا يتجاوز الكراسة و منها الوسط و الطويل".

وقد نشر أبو القاسم الحفناوي قائمة لتلك التآليف في كتابه "تعريف الخلف برجال السلف"، إلا أنَّ الأستاذ سعيد دحماني، ذكر أثناء التعريف بكتابه " بونة إفريقية، بلد سيدي أبي مروان الشريف " أنَّ تآليفه بلغت زهاء (165) عنواناً، معظمُها "منظومة في قالب (أراجيز)، مواضيعها تتعلق بالحديث [الشريف] والسنة [المطهرة] والقرآن [الكريم] ".

و قبل أن اسرد بعضا من عناوين هذه المؤلفات، أقول مع الأسف الشديد ان اكثرها ضاعت او اتلفت، وأنه لم يطبع من هذه الثروة العلمية الهامة - حسب علمي- إلا كتابين إثنين كلاهما في التاريخ هما:

1 - "الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة" نشر الدكتور ابن أبي شنب، في التقويم الجزائري لسنة 1331ه‍ /1913م.: (( ... وهو عبارة عن منظومة تحتوي على ألف بيت (1000)،إختصرها من منظومته الكبرى المحتوية على ثلاثة آلاف بيت (3000)، وهي منظومة للتعريف ببونة وعلمائها و صلحائها، وكذلك علماء القرى المجاورة، والعلماء الواردين عليها، سواء أكانوا عابري سبيل أم مقيمين من مختلف جهات العالم الاسلامي ... والعنوان أخذ من قوله:

فجئْتُهُ "بدُرَّةٍ مَصوُنّهْ" ... ذَكَرْتُ فِيهَا أوْلياءَ بُونَهْ

لَكن بلا طولٍ وَلاَ تاريخ…لضيق نَظمِي بهِم صَريخِي

وقد انتهى أحمد البوني من تأليفه أواخر القرن الحادي عشر، وفي ذلك يقول:

"في عام تسعين وألف نظمتُ ... وآن أنْ أدعو لمّا تمَمْتُ "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير