أ- دولة الأغالبة: هي دولة امتدت مدة حكمها من سنة 184 إلى سنة 296هـ)؛ كانت في بداية حكمها تابعة للخلافة العباسية (هارون الرشيد رحمه الله) .. لكن سرعان ما حصلت على استقلال اسمي شريطة أن تدفع للخلافة إتاوة من المال كل سنة .. ، وفي أواخر حكمها دب فيها الانقسام والتشرذم مما ساعد الدولة العبيدية على استغلال الفرصة للانقضاض عليها .. يقول (ول ديورانت): "الحضارة نهر ذو ضفتين، يمتلئ النهر أحيانا بالدماء والظلم، ولكننا نجد على الضفتين في الوقت ذاته أناسا يبنون الحضارة، لكن المؤرخون متشائمون لأنهم يتجاهلون الضفاف ويتعلقون بالنهر .. "، فبالرغم من هذا الانقسام السياسي عرفت الدولة الأغلبية توطيدًا للسنة ونشرها في المغرب وصقلية ..
ب- دولة المرابطين (451 - 541هـ): ظهرت نواتها وبذرتها الأولى على ضفاف نهر السنغال في جنوب بلاد المغرب الأقصى بزعامة الفقيه عبدالله بن ياسين، والأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي ثم يحيى بن عمر اللمتوني، وتوسعت حتى ضمت المغرب كله والأندلس في عصر القائد الأمير يوسف بن تاشفين، وكانت دولة المرابطين على أسس إسلامية سليمة، إذ نهجت نهج أهل السنة والجماعة، ولم تتأثر بأي نزعة دينية أخرى، وكان من أهم الأسس التي تبنتها "الجهاد في سبيل الله" (تمثل في انتصارهم على النصارى في معركة الزلاقة سنة 479هـ)، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتزام أحكام الدين في فروض الزكاة والأعشار، وكل أمور الدولة (انظر: قيام دولة المرابطين لحسن محمود ص166).
جـ- الدولة الزيرية الصنهاجية: قد اتبعت النهج السني في آخر عمرها وذلك حينما أعلن المعز بن باديس (406/ 453هـ) انفصاله عن الدولة العبيدية في سنة 440هـ إذ خلع طاعتهم، وأخذ بمذهب أهل السنة (انظر: ابن خلدون 6/ 159)، وبهذا تحول اتجاه هذه الدولة إلى الاتجاه السني، بعد أن كان اتجاهها رافضيا (نفس المصدر السابق) ..
2 - الاتجاه الخارجي: ويمثله إمارتا المدراريين (140 - 347هـ)، والرستميين (144 - 296هـ):
أ- إمارة بني مدرار: وقد قامت في سجلماسة جنوب المغرب الأقصى سنة 140هـ، على يد عيسى بن يزيد المكناسي الذي كان يدين بالمذهب الصفري أحد الفرق الكبرى من فرق الخوارج.
ب- دولة الرستميين: التي كانت تنهج المذهب الإباضي، فقد أسسها في بلاد المغرب الأوسط عبدالرحمن بن رستم (144/ 171هـ) سنة 144هـ، حيث اتخذ مدينة تاهرت حاضرة له. (المغرب الكبير 3/ 583).
3 - الاتجاه الرافضي وتمثله دولة العبيديين:
وهذا الاتجاه كان آخر المذاهب الفكرية دخولاً لبلاد المغرب إذ إن الدولة العبيدية التي نشرت هذا المذهب هناك لم تقم في بلاد المغرب الأدنى إلا في سنة 296هـ.
ومع أن الدولة العبيدية قد تمكنت من القضاء على الأغالبة، والرستميين، والمدراريين، والأدارسة فاستطاعت بذلك -إلى حد ما- أن تبسط سلطانها السياسي على معظم أقاليم بلاد المغرب، إلا أنها لم تتمكن من فرض مذهبها الديني على أهالي تلك الديار، وذلك لأن الناس لم يتقبلوا أفكار العبيديين لما فيها من غلو وشطط لم يألفه سكان تلك الديار، بل إنهم تطلعوا إلى خلافة سنية جديدة قامت في الأندلس هي الخلافة الأموية بالأندلس كما أن أهل السنة قاموا بمقاومة المد الرافضي العبيدي بكل ما يملكون وهذا مما جعل الروافض يرحلون إلى مصر عام 362هـ.
فكرة المهدي المنتظر في تاريخ المغرب صنيعة الاتجاهات الفكرية السابقة والظروف السياسية المتعاقبة:
1 - الأدارسة: من خلال تصفح مجموعة من المصادر التاريخية التي تناولت الحقبة الإدريسية لا نعثر على إشارة لفكرة المهدي المنتظر .. لكن ما يمكن الإشارة إليه أن إدريس الأول عندما استقبلته قبيلة "أوربة" أحاطته بهالة من التقديس والتشريف؛ وذلك لما راج عن أصله الشريف ..
2 - الدولة العبيدية: سلالة شيعية حكمت في تونس، ومصر، والشام وعلى مراحل في الجزائر، والمغرب والجزيرة العربية، سنوات 909/ 1171م.
ويستمد الفاطميون لقبهم -على حد زعمهم- من فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يدعون انتسابهم لأهل البيت عن طريق الإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق، ومنه جاءت الطائفة الإسماعيلية.
ويرى أغلب المؤرخين اليوم أن نسبهم كان منحولاً، ويفضل أغلب علماء السنة أن يطلقَ عليهم لقب "العبيديين" نسبة إلى جدهم عبيدالله بن القداح.
¥