ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[01 - 07 - 08, 02:40 ص]ـ
الحمد لله وحده
محمد الأمين
ألا تعلم بقصة جيش الصحابة الذي ثار عليه مما مكن عمرو بن العاص من دخول مصر وتحريرها؟ لا أظن هذا يخفى عليك.
نعم لايخفى عليَّ أمر هذا الجيش الذي وصفتَه بـ "جيش الصحابة" وهي محاولة منك لإضفاء الشرعية لهذا الجيش مع أنه خارج عن الخليفة الراشد المبايع له على منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولو حكَّمتَ الشرع والعقل (ولم تحكم الهوى) لقلتَ إنه جيش من المفسدين، وهذا الجيش لم يذهب لتحرير مصر كما زعمتَ، فمصر حررها عمر بن الخطاب من أيدي الرومان زمن المفوقس، وهي كانت ومازالت مسلمة زمن الفاروق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وفي خلافة عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وخلافة علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
ثم أن هذا الجيش الذي زعمتَ أنه ثار على عليّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!! لتوليته محمد بن أبي بكر الصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
لم يكن هو الجيش الوحيد الذي خرج على دولة الخلافة الراشدة!
ففي تاريخ الطبري (3/ 149):
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين
فمما كان فيها من الأحداث المذكورة:
تفريق معاوية جيوشه في أطراف علي
فوجه النعمان بن بشير - فيما ذكر علي بن محمد بن عوانة - في ألفي رجل إلى عين التمر، وبها مالك بن كعب مسلحةً لعلي في ألف رجل، فأذن لهم، فأتوا الكوفة، وأتاه النعمان، ولم يبق معه إلا مائة رجل، فكتب مالكٌ إلى علي يخبره بأمر النعمان ومن معه، فخطب عليٌّ الناس، وأمرهم بالخروج، فتثاقلوا، وواقع مالك النعمان، والنعمان في ألفي رجل ومالك في مائة رجل، وأمر مالك أصحابه أن يجعلوا جدر القرية في ظهورهم، واقتتلوا. أ.هـ
**رجع الحديث إلى حديث عوانة. قال:
ووجه معاوية في هذه السنة سفيان بن عوف في ستة آلاف رجل، وأمره أن يأتي هِيت فيقطعها، وأن يغير عليها، ثم يمضي حتى يأتي الأنبار والمدائن فيوقعَ بأهلها، فسار حتى أتى هِيت فلم يجد بها أحداً، ثم أتى الأنبار وبها مَسلَحة لعليّ تكون خمسمائة رجل، وقد تفرّقوا فلم يبقَ منهم إلا مائة رجل، فقاتلهم، فصبر لهم أصحاب علي مع قلتهم، ثم حملت عليهم الخيل والرجالة، فقتلوا صاحب المسلحة، وهو أشرس بن حسان البكري في ثلاثين رجلاً، واحتملوا ما كان في الأنبار من الأموال وأموال أهلها، ورجعوا إلى معاوية. ا.هـ
*قال: وفيها وجه معاوية أيضاً عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء، وأمره أن يصدق من مر به من أهل البوادي، وأن يقتل من امتنع من عطائه صدقة ماله، ثم يأتي مكة والمدينة والحجاز، يفعل ذلك، واجتمع إليه بشرٌ كثير من قومه، فلما بلغ ذلك علياً وجه المسيب ابن نجبة الفزاري، فسار حتى لحق ابن مسعدة بتيماء، فاقتتلوا ذلك اليوم حتى زالت الشمس قتالاً شديداً، وحمل المسيب على ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات، كل ذلك لا يلتمس قتله ويقول له: النجاء النجاء! فدخل ابن مسعدة وعامة من معه الحصن، وهرب الباقون نحو الشأم، ....
*وفيها أيضاً وجه معاوية الضحاك بن قيس، وأمره أن يمرّ بأسفل واقِصة، وأن يُغِيرَ على كل من مَرَ به ممن هو في طاعة عليّ من الأعراب، ووجه معه ثلاثة آلاف رجل، فسار فأخذ أموال الناس، وقَتَلَ من لقي من الأعراب، ومرّ بالثّعلبيّة فأغار على مسالح علي، وأخذ أمتِعتهم، ومضى حتى انتهى إلى القُطْقُطانة، فأتى عَمرو بن عميس بن مسعود، وكان في خيلٍ لعليّ وأمامه أهله، وهو يريد الحج، فأغار على من كان معه، وحبسه عن المسير، فلما بلغ ذلك علياً سَرَّحَ حُجْر بن عديّ الكِندي في أربعة آلاف، وأعطاهم خمسين خمسين، فلحق الضّحاك بتَدْمُر فقتل منهم تسعة عشر رجلاً، وقتل من أصحابه رجلان، وحال بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه، ورجع حُجْر ومن معه. ا.هـ
**
ثم دخلت سنة أربعين
ذكر ما كان فيها من الأحداث
فمما كان فيها من ذلك توجيه معاويةُ بُسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز.
فذكر عن زياد بن عبد الله البكائي، عن عوانة، قال: أرسل معاوية ابن أبي سفيان بعد تحكيم الحكمين بسر بن أبي أرطاة - وهو رجلٌ من بني عامر بن لؤي في جيش - فساروا من الشأم حتى قدموا المدينة، وعامل عليّ على المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصاري، ففر منهم أبو أيوب، فأتى علياً بالكوفة، ودخل بسر المدينة؛ قال: فصعد منبرها ولم يقاتله بها أحد، فنادى على المنبر: يا دينار، ويا نجار، ويا زريق، شيخي شيخي! عهدي به بالأمس، فأين هو! يعني عثمان، ثم قال: يا أهل المدينة، والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلماً إلا قتلته. ثم بايع أهل المدينة، ........ ، وهدم بسر دوراً بالمدينة، ثم مضى حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى أن يقتله، فقال له بسر: ما كنت لأفعل بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فخلى عنه، وكتب أبو موسى قبل ذلك إلى اليمن: إن خيلاً مبعوثةً من عند معاوية تقتل الناس، تقتل من أبى أن يقر بالحكومة. ثم مضى بسر إلى اليمن، وكان عليها عبيد الله بن عباس عاملاً لعلي، فلما بلغه مسيره فر إلى الكوفة حتى أتى علياً، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي على اليمن، فأتاه بسر فقتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس. وفيه ابنان له صغيران، فذبحهما. وقد قال بعض الناس: إنه وجد ابني عبيد الله بن عباس عند رجل من بني كنانة من أهل البادية، فلما أراد قتلهما قال الكناني: علام تقتل هذين ولا ذنب لهما! فإن كنت قاتلهما فاقتلني، قال: أفعل؛ فبدأ بالكناني فقتله، ثم قتلهما ثم رجع بسر إلى الشأم. ...... وقتل بسر في مسيره ذلك جماعةً كثيرةً من شيعة عليٍّ باليمن.ا. هـ
والمقصود أن الجيش الذي ذهب (لتحرير مصر!) ثائراً على عليّ ـ كما زعمتَ ـ لتوليته محمد بن أبي بكر كانت هناك جيوش أخرى مثله في كل مكان من دولة الخلافة ـ في العراق وبلاد الحجاز واليمن ـ تعيث في الأرض فساداً وتهدد الآمنين رغم أن الولاة من قِبَل علي ّ بعضهم كان من الصحابة و لم يكونوا فساقاَ ـ كما زعمتَ ـ ولم يُتهموا بمقتل عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
¥