تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد علم البين أجفاني البكا فغدا يحلو لها كالكرى في عين وسنان

بانت سعاد فبان النوم عن دنفٍ يسامر النجم حتى الصبح سهران

ناديتها يوم جدّ البين فالتفتت كظبيةٍ جفلت في رمل عسفان

لها من الظبي عيناهُ ولفتته ووجته بدرٍ لها وجه غزلانِ

كحلاء ما مسّ كحلٌ هدب مقلتها ولا تحلّت بأصباغ ٍ وألوان

قد علّمت شعراء العصر بهجتها سبك القوافي على ألحان عيدان

تداولتها رواة العاشقين لنا بكل بيتٍ بديع السبك رنّان

يجري بها الركبُ من سهل إلى جبل جريَ الجوائب في مدن ٍ وبلدان ِ

جوائب البيد والأبحار واردةٌ عن أحمد الفارس المفضال ذي الشان

أكرم بها جنّة طابت فكاهتها نضيرةً وجناحا حاضرٌ دان

جريدة جرّدت أخبار عالمنا عن كل زورٍ وإخلال ٍ وبهتان

لا غرو و الحاذق الشهم اللبيب لها على الحقيقة أنشا أيّ بنيان ِ

تاجٌ على لغة الأعراب شرّفها وزانها بحلى درَّ ومرجان ِ

قد آنس اليوم دار الملك معتفياً رحيلِه وحشةً في أرض لبنان ِ

وقلت أرثيه على ما يوجبه عهد المودة ويقتضيه:

مضى وكلّ قطين ٍ بعده فان ِ مَن كنتُ في البعد أرعاه ويرعاني

ومن على موته عيني مسهدةٌ ترعى النجوم وليل الهمّ يغشاني

ومن أتانيَ منعاه ولم أرهُ فهاج حزني وأنضاني وأضناني

يا طور لبنان هل تشجيك أشجاني لفقد إلف ٍ عزيز ٍ للصبى ثان ِ

وهل ذوى منك دوح باسقٌ أسفاً كما ذوى من فؤادي كلّ سلوان

وهل أتاك حديث الأولين مضوا وفخرهم دائمٌ من دون نقصان

أمثال فردك ناصيف فهل لك من فقدانه بدلٌ يا فجع فقدان

هيهات ليس له ندٌ فينسينا فرط الحنين إليه بعض نسيان

يا سائلي هل شجا ناعيه ذا شحطٍ ولاع منه فؤاداً لوعة الداني

أنظر إلى دمعيَ القاني وقس لهباً عليه بين الحشا من نار أحزاني

حرٌ تحرّى حلى الآداب في زمن ٍ فيه المآدب تحدو كل إنسان

فلم يُضع ساعةً من عمره عبثاً ولم يضع قوله في غير إحسان

كانت قوافيه تطوي البيد سائرةً سير النجوم فتهدي كلّ حيران

تنزّهت عن عيوب الشعر رائقةً لفظاً ومعنىً هما في الحسن صنوان

كما تساوى لديه من نزاهتهِ مالٌ وعدْمٌ هما للحرّ سيّان ِ

لو لم تكن درراً ما كان ناظمها فكرٌ لهُ ثاقبٌ في جيد أزمان

له البلاغة مذ عهد الصبى خُلقٌ لم يثنه ِ عنهُ في السبعين من ثان

ما كان يهجو ولا يُهجى ولا حجبت ذكا قريحته أحلاك حدثان

كانت أسرَّته عنوان نيته على المصافاة في سرًّ وإعلان

وشانئ شأنه تهجين ذي شأن ٍ لكنه عاش ذا شأن ٍ بلا شاني

مضى وفي ثوبه الآداب قد طويت من بعدما نشرت عنه بتبيان

إن الذي انتشرت أشعارهُ حكماً حيٌّ وإن درجوهُ ضمن أكفان

إن كنتُ بالغتُ في تأبينه فلكم في مدحه ِ بالغت صحبي وأقراني

لا تنكروا فضل ذي فضل ٍ لمذهبه وفي (اطلبوا علم أهل الصين) برهاني

واحسرتاه عليه إذ نؤرخهُ مضى وكل قطين ٍ بعدهُ فان

رد الشيخ إبراهيم اليازجي

الجنان، السنة 2، الجزء 12 (15/ 6/1871)، ص405 - 412:

شبلي: الشدياق واليازجي، ص67 - 74

قد ورد في العدد 519 من الجوائب أبيات من محررها أحمد فارس أفندي الشدياق، يرثي بها، المرحوم أبي، ناصيف اليازجي، قد صدَّرها بكلام طويل أشار به إلى مودَّةٍ قديمة بينهما أوجبت عليه رثاءه. فتمنينا له طول البقاء من بعده. غير أننا وجدنا في أثناء كلامه من الانتقاد عليه، رحمه الله، ما حملنا على الاستغراب و العَجَب. ولقد وددنا أن نحمل كلامه هذا على مقتضيات المودّة كما حمل الرثاء عليها رغبة أن يسلم له الجميل وإن كنا لا نجد لذلك وجهاً سديداً.

ولما كان ما أورده من الكلام لا يخلو من مَظنّة جاهل واهم، أو من نقد عالم بصير، رأيتُ من باب الوجوب أن أتصدّى لإجابته رداً لأوهام الواقفين عليه إلى كنه الصواب والحقيقة. على أن تصديّ له هو على غير ما أهوى لما لا يخفي على اللبيب، فأنا على الحالين مدفوعٌ إلى ما أكرهه. غير أني آثرت الردّ ولو كرهاً رجاء أن أكون أدنى إلى العذر، فقد وقع الواقع ولا عتب على المضطرّ. فأقول:

قد ذكر صاحب الجوائب في صدر كلامه مقدّماتٍ أشار بها إلى مودّةٍ بينه وبين أبي، رحمه الله، كان منشأها الوطن و الجيرة، ثم استمرّت بالمراسلات الحبيّة و المطارحات الأدبية. و الأمر كذلك فإن أبي بث إليه بقصيدةٍ عزّاه بها عن أنسباء له، مطلعها:

لا تبكِ ميتاً ولا تفرح بمولود فالميت للدود و المولود للدود

وقد أجابه عنها بما مطلعه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير