تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأمّا اعتذاره عن الدراري بأنها غلط طبع، وقوله بعد ذلك: ((وليكن معلوماً هنا أني كنت أحرّر هذا السفر، أي سرّ الليال، كما كنت أحرر الجوائب، أعني صفحةً صفحة وكلما نجزت صفحة سلمتها إلى المرتب فلم تمكني الفرصة من تهذيبه كما أردت))، إلى آخر ما قال. فكلّ ذلك لا صحّة له، وما أكذّبه إلا من عين كلامه.

قال في صفحة 6 من سرّ الليال ما نصّه (ثم بعد أن صيغ هذا الكتاب على هذا المثال ونُسج على هذا المنوال نوهّت به في الجوائب لقصد أن يتصدَّى لطبعه أحدٌ ممن يؤثرون صحف الأدب على صحاف المآدب فمضى على ذلك مدّة من دون أن أرى من احدٍ نجدة)). إلى أن يقول من كتابٍ بعث به إليه رشيد بك الدحداح (إني بعد وصولي إلى تونس بأيام ٍ، وصل إليها أيضاً نجلكم المكرّم سليم أفندي فسررت باجتماعي به غاية السرور وأخذت أستقصي الأخبار منه عن ذاتكم وعن حركاتكم وسكناتكم فأخبرني بتأليفكم سرّ الليال في القلب والإبدال وأنكم مشتاقون إلى نشره. وأتحفني ببعض صحفٍ من الجوائب تشتمل على نبذٍ من الكتاب)) [أدناه ص 404] إلى آخر ما روى منه.

فقد صرّح هنا بما لا يحتمل التأويل ولا المغالطة أن الكتاب كان مصوغاً منسوجاً قبل أن يباشر طبعه بزمنٍ أقلّ ما يُفَرض منهُ الحالة تلك يكفي لتهذيبه وتكذيب مدّعى صاحبنا. وقد نوّه به مراراً في الجوائب ونشر فيها نبذاً منه، إلى غير ذلك مما مرّ بك. فما باله الآن يقول إنه كان يحرّره صفحةً صفحة وكلما نجزت صفحة سلمها إلى المرتب؟ وهل كان ما نشره في الجوائب وسيّره في الآفاق وهماً مكنوناً ونيّة مضمرة؟ لا جَرم إن صاحبنا أصبح شديد النسيان كثير الغفلات، وقاتل الله الكِبر.

ولما فرغ من كلّ ذلك انتقل إلى تخطئتي في عبارة الرد السابق، فأورد أشياء ليست بأقل دلالة على غور علمه مما تقدّم. وكأني بهذه المناقشة قد كشفت بيننا سرّاً طالما كان مرصوداً بزخرفة المقال وحلَّت طلاسم لُمِح وراءها بدر المقنّع متهافتاً إلى الأفول. وما كان أغنى أحدنا عن التعرّض و الفضول وإنما كان ذلك قدرَاً مقدوراً ولله في خلقه شؤون.

ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:24 ص]ـ

معركة فارس الشدياق

الصحفية مع إبراهيم اليازجي

(3)

[في مظنة الانفراد و الذّمة]

فمما خطّأني به قولي: مظنة الانفراد. وقد وردت في الطبع بفتح ((الظاء)). ومن هذا القبيل قولي الذّمة و الذَمم بضم ((الذال فيهما)). والصواب الكسر في الكل. فزعم أن ذلك خطأ مني وأخذ يتشدّق ويتمطّق بما لا طائل تحته. فقال: ((إن أجهل العامة في بيروت ولبنان يقول عند الحَلف على ذمّتي بالكسر)). وبالمُوجَب أقول إن أبلغهم أيضاً يلفظها بالدال المُهمَلة مع تسكين الميم المشدّدة. فما رأي الإمام، أَيصحّ أن نجري على لفظهم؟ وهذا مثل قوله: وأهل بيروت يقولون فحطل أو فطحل على تقدير غلط الطبع. والإنكليز يقولون بابي [ Baby ] بإمالة الألف، بمعنى الطفل. وأهل مالطة يقولون الحب بمعنى الجَيب (نقلاً عن سرّ الليال). وما أشبه ذلك مما يطول شرحه.

وعلى فرض أني علّقت هذه الحركات بيدي ورآها بخطّ قلمي. فأي غلطٍ جسيم ارتكبته هنا؟ وأية قاعدة خالفتها؟ وما المعنى الذي فسد بهذا التغيير؟. ولعمري إن كل هذا أدنى إلى أن يكون غلط طبع ٍ من قوله ((الدراري))، وهو أيسر كثيراً لأن غلطة ((الدراري)) تقتضي بهبوط النجم إلى قعر البحر و العياذ بالله. ولا عجب لأن فيها زيادة ألفٍ وياءِ. وأنت تدري شأن هذين الحرفين اللذين لا يُكنى بهما إلا عن كل أمر جسيم. فأين هذا في المظنة و الذمم؟ على أن اعتراضه على الذمم هو عين الاعتراض عليه و الشاهد بقصوره. فإنهم قد أجازوا الضمّ في جمع المكسور أيضاً كالذُمم و الحُلى، جمع الحِلية بالكسر. و العكس في العكس كالصِورَ، جمع الصورة بالضمّ. فتذكّر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير