بالباء، وهناك جرّه بفي و التركيب في الموضعين واحد. وقوله في الساق على الساق صفحة 42: ((ما الفرق بينهم و بين البهائم سوى اللحى)). وفي هذا ما يغني عن أمثاله فقس عليه.
[في تخطئة اليازجي لكتاب الساق على الساق]
الجنان، السنة 2، الجزء 24 (15/ 12/1871) ص835 - 842
شبلي: الشدياق اليازجي، ص125 - 140
ومن أغلاطه في هذا الرد قوله: ((ما من شاعر قال شعراً إلا وأُخذ عليه)) والصواب إلا أخذ بترك ((الواو)) على مذهب الجمهور. وأقبح من زيادتها هنا زيادتها في قوله في الساق على الساق صفحة 213: ((ولا بد وأن يكون عنده كاتب)) ومثله قوله في صفحة 216 (ولا بد وأن يكون هناك شيء)). وفي صفحة 235: ((ولا بدَّ وأن يكون النثر أيضاً مثله)). وفي صفحة 237: ((فلا بدّ وأن يمشي معه اثنان)). وهذا أكثر من أن يُحصى. وشهد الله لو استعمل هذا أجهل الأغبياء لعُدّ منه قبيحاً.
ومن زياداته المخلة قوله في الساق على الساق صفحة 40: ((تنبّه الغافلين أن وراءها لقولاً شديداً)) فإقحام ((اللام)) على اسم ((إن)) هنا خطأ شنيع لأنها واقعة في موضع الجرّ بالأداة المحذوفة بعد تنبّه كما لا يخفى، وذلك يوجب فتح همزتها على أنها مفتوحة هناك بالرسم أيضاً. و ((اللام)) تقضي بتعليق العامل عنها لأنها من ذوات الصدر فالتبس الأمر واختلط. وعلى حدّه قوله في صفحة 214 منه: ((والذي يظهر لي أن في الهنات و الجليدات لضرراً عظيماً)) وهي واقعة في خبر المبتدأ. وأمثالها كثيرة.
ومن ذلك قوله في صفحة 43: ((وإنهم وإن يكونوا سيّئي الأدب على الطعام فهم متأدبون)). فإدخال ((الواو)) على أن يُشعر بأنها الوصليّة، وإدخال ((الفاء)) على جملة الجواب يشعر بأنها الشرطيّة، وضاع خبر ((إن)). فإحدى الزيادتين خطأ. والصواب إما إسقاط ((الواو)) فيكون الشرط وجوابهُ خبراً، وإما إسقاط ((الفاء)) فيؤخذ الخبر مما يليها ويتعيّن كون ((إن)) وصلية وجوابها محذوفٌ للاستغناء عنه بالخبر كما تقرّر في علم النحو. ومثله قوله في صفحة 237 (وهما وإن أظهرا له الخضوع ففي قلوبهما منه حزازات)). وأقبح منه قوله في صفحة 327: ((فإنه وإن يكن مقامه بين الناس كريماً إلا أنه لا يمكنه)). وقوله في صفحة 125: ((إني وإن كنت بشراً مثلك لكني وكيل)). فما أدري كيف صحّ عنده هذا التركيب. ويجري هذا المجرى قوله في صفحة679:
((فإذا رضيت فكل سخطٍ هيّنٌ وإذا وصلت فلم أبال بهاجر ِ))
فربطُ جواب ((إذا)) الثانية بالفاء خطأ مُفسِد لأنها تقضي بانفصال ما بعدها عما قبلها وجعله خبراً لمحذوفٍ لا جواباً، ويكون التقدير فإنا لم أبال فتمحّض المضيّ في الفعل وهو عكس المراد لأنه مرتب على ما قبله في المعنى. والصواب إسقاط ((الفاء)) فينصرف الفعل إلى لإستقبال لتسلط أداة الشرط عليه حينئذٍ كما لا يخفى. ألا ترى ما قال بعد هذا البيت:
((وإذا بقربك كنت يوماً نافعي لم أخشَ شيئاً بعد ذلك ضائري))
فالمعنى هنا صحيح لأن الفعل المتحوّل إلى المضيّ بلم قد تحول إلى الاستقبال لوقوعه في الجواب مباشراً، بخلاف الأول لأنه واقعُ في البر لا في الجواب كما علمت.
ويقابل الزيادة عنده النقص أحياناً، أعني نقص حرف أو كلمة لا شيئاً آخر. وذلك كقوله في صفحة 526 من كتاب: ((قلت أتعنيهم أم تعنيهنّ)). حذف ((نون)) الرفع وهو خطاب للأنثى. ومثله قوله:
((ألم تفقهوا لابن الحُسين مقالةً تقيكم عنا غماء فيها تخاطروا))
وفيه حذف ((النون)) أيضاً. وقوله:
((فلم يبقَ إلا من درى سوء رأيكم به وبدا من أمركم ما تحاذروا))
وبين كل ذلك من سخافة التركيب وفساد المعاني في مواضيع كثيرة وتعقيد العبارات إلى غير ذلك ما لا يخفى على أولي الذوق السليم.
ولقد أعجبني قوله وهو يعرّض بأبي رحمه الله: ((ومن شأن الشاعر إذا تعمّد إيراد لفظة غريبة أن يتروّى فيها ولا يوردها مجازفةً)) انتهى. ومقتضاه أن الناثر لا يجري عليه هذا الحكم. على أنه يشير بهذا إلى لفظة ((الفحطل)) وهي إنما جاءت في النثر لا في الشعر، فما أدري ما الذي جاء بذكر الشاعر. و الظاهر أنه لا يفهم المراد من إطلاق لفظة الشاعر فيظن أنه إذا نثر أيضاً سمي شاعراً. ومن كان هذا مبلغ فهمه لم ينكر عليه أن يتفتّح في كلامه بأبلغ من ذلك.
¥