ذكرها ابن حبان (الثقات 1541، 3/ 459) فقال: ((أم مبشر: امرأة زيد بن حارثة)). اهـ ويوضح لك ابن حجر سبب اللبس فيقول (تهذيب التهذيب 2986، 12/ 505): ((أم مبشر الأنصارية: امرأة زيد بن حارثة .. زعم الدمياطي أن اسمها "جهينة بنت صيفي بن صخر"، وأنها زوجة البراء بن معرور أم ولديه بشر ومبشر. قال: وخلف عليها بعده زيد بن حارثة، كذا قال. وقد ذكر أبو جعفر الطبري وأبو علي بن السكن: أن اسم أم بشر بن البراء "خليدة بنت قيس بن ثابت بن مالك الأشجعية". وقال ابن عبد البر: أم بشر بنت البراء بن معرور، ويقال لها أم مبشر، اسمها "خليدة"، كذا قال. وكأنه أراد أن يكتب أم بشر بن البراء، ولعله من طغيان القلم. وقد اعترض عليه ابن فتحون. وذكر خليفة بن خياط: أن للبراء بن معرور بنتاً تسمى أم قيس، فالله تعالى أعلم)). اهـ
قلتُ: فسبب اللبس لديهم بين "أم مبشر" و "أم بشر" هو أن المرأة التي وردت في حديثنا هذا دعاها الزهري "أم مبشر" وجعلها أم بشر بن البراء. في حين أن "أم مبشر" هي زوجة زيد بن حارثة، فأرادوا التوفيق بين هذه وتلك!
وإنما التبس عليهم الأمر لأن هناك مرأة من آل البراء بن معرور اسمها "أم بشر"، فظنوا أنها زوجته أم بشر ابنه. ولكن "أم بشر" هي بنت البراء وليست زوجته، أي أنها أخت بشر لا أمه. ذكرها ابن حبان (الثقات 1540، 3/ 459) فقال: ((أم بشر بنت البراء بن معرور)). اهـ وقال ابن حجر (الإصابة 11907، 8/ 175): ((أم بشر: بنت البراء بن معرور. تقدم نسبها في ترجمة والدها وفي ترجمة أخيها بشر)). اهـ
** القصة في مرض كعب لا مرض الرسول
وهم الزهري فأدخل قصة مرض كعب بن مالك في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم! وقد روى الزهري مرض كعب بذات الإسناد.
وأصل القصة ذكرها ابن حجر فقال (الإصابة 11907، 8/ 175): ((روى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: "لما حضرت كعباً الوفاة، أتته أم بشر بنت البراء بن معرور قالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت أبي فاقرأه مني السلام. فقال: لعمر الله يا أم بشر، لنحن أشغل من ذلك! فقالت: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن أرواح المؤمنين نسمة تسرح في الجنة حيث تشاء وإن نسمة الفاجر في سجين؟) قال: بلى. قالت: هو ذاك". أخرجه ابن منده، من رواية الحارث بن فضيل، عن الزهري عنه، قال: رواه يونس والزبيدي، عن الزهري فقال: أبو مبشر. وقال أبو نعيم: اختلف أصحاب بن إسحاق عن الزهري عنه، فمنهم من قال "أم بشر" ومنهم من قال "أم مبشر")). اهـ
فأنت ترى أن هذا الحديث معلول لا يصحّ:
- فسنده منقطع بتدليس الزهري
- والرواة فوق الزهري مختلف فيهم
- وأم عبد الرحمن مجهولة الحال
- وهناك انقطاع بينها وبين أم مبشر
- وأم مبشر هي زوجة زيد بن حارثة وليست زوجة البراء بن معرور
- وأن القصة وقعت مع كعب بن مالك لا النبي صلى الله عليه وسلم.
= = = = = = = = = = = = = =
ثالثاً: حديث أم سلمة:
((يا رسول الله لا يزال يصيبك كل عام وجع من الشاة المسمومة التي أكلت. قال: "ما أصابني شيء منها إلا وهو مكتوب عليَّ وآدم في طينته")).
التخريج
- أخرجه ابن ماجه (3546) والطبراني (مسند الشاميين 1507) من طريق يحيى بن عثمان.
- وأخرجه الفريابي (القدر 377) عن مالك بن سليمان.
كلاهما (يحيى، ومالك): عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر العنسي، عن يزيد بن أبي حبيب ومحمد بن يزيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قالت أم سلمة.
نقد الحديث
هذا الإسناد لا يصحّ وهو معلول بثلاث علل:
(1) تدليس بقية بن الوليد: بقية بن الوليد مدلّس مشهور ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من المدلسين (117) وقال: ((وكان كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين)). اهـ وهو يروي أحاديث مناكير عن الثقات، فكيف بالضعفاء! روى الترمذي في سننه (السنن 2203) عن الإمام البخاري، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن حنبل قال: ((لبقية أحاديث مناكير عن الثقات)). اهـ
(2) جهالة أبي بكر العنسي: شيخ بقية في هذا الحديث هو أبو بكر العنسي. قال ابن عدي (تهذيب الكمال 7264، 33/ 154): ((مجهول، له أحاديث مناكير عن الثقات)). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ((ضعيف)).
¥